حنان شومان

The Judge «القاضى» فيلم دافئ فى زمن بارد

الخميس، 11 ديسمبر 2014 05:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يخطئ من يتصور أن زمن مشاعر البشر والعلاقات الأسرية يموت أمام طوفان العلاقات العملية ورسائل sms التى اختصرت التلاقى ولمسة اليد ونظرة العين وحضن الأم وضمة الأب، وبالتالى يخطئ من يتصور أن الأفلام الاجتماعية الأسرية ستدهسها وتنساها هوليوود أمام أفلام الروبوت وحرب الكائنات الفضائية.

هذا الأسبوع نحن أمام فيلم أمريكى هوليوودى، فأبطاله نجوم من ذهب أى أصحاب أوسكار، وهما روبرت داونى جونيور وروبرت دوفال وكل منهما يمثل جيله، الأب والابن وكذلك الأب والجد، ففيلم القاضى أو The Judge يحمل مواصفات هوليوود بأبطاله، ولكنه يحمل روح وعقل ولمسات الأسرة والحب والعلاقات الدافئة فى زمن جليدى المشاعر.

الفيلم يحكى عن محامٍ شهير يعيش فى المدينة ويتعامل بمنطق أن الحق والقانون مع من يدفع له، فهو يجيد استغلال القانون فى تخليص موكليه من جرائمهم، ثم تأتى له رسالة تنعى له أمه ليسافر إلى قريته الصغيرة لحضور جنازة الأم. وهنا نتعرف كمشاهدين على أسرته ونبدأ فى اكتشاف حياة البطل، كما أنه هو ذاته يكتشفها، فهو ابن لقاضى المقاطعة الصارم الذى يقاطعه، وأخ لاثنين آخرين أحدهما معاق ذهنياً والآخر لديه إعاقة بدنية تسبب فيها المحامى حين كانا صغيرين، وتتوالى الأحداث فيتم اتهام القاضى الأب بجريمة قتل، ويضطر الابن أن يدافع عن أبيه الذى يكرهه، فيكتشف العديد من الاكتشافات منها نفسه وعلاقاته السابقة وحتى علاقته بابنته الصغيرة، لينتهى الفيلم بموت الأب فى مشهد شديد الرومانسية والمليودرامية.

هذا فيلم بعيداً عن التقييم الفنى أظنه يدفع المشاهد دفعاً لأن يعيد التفكير فى شكل علاقته بأهله، بأمه وأبيه، فكم من علاقات تفسد بين الأهل والأبناء لأنهم لم يسمعوا من بعضهم أسباب تصرف ما فعله أحدهم وترك فى نفس الآخر غصة أو عقدة، بينما لو كانا تحادثا حول الأمر لكانت الأمور والعلاقة اختلفت، ولكنه الصمت الذى يلف العلاقات البشرية فيسبب موتها، وقد تأتى لحظة يكتشف فيها كم كان مخطئاً، لأنه صمت، ولكن عادة ما تأتى لحظة الاكتشاف متأخرة.

فيلم «القاضى» أقوى ما يميزه هو أداء جيلين من نجوم هوليوود فروبرت الكبير والآخر الصغير تباريا فى الأداء، وجاء أداء الصغير مدهشاً بعيداً عن الشخصيات الغريبة التى قدمها فى السنوات الأخيرة مثل شورلوك هولمز وغيرها، أما روبرت دوفال الكبير فهو نجم فى أداء الصمت وتعبير العيون وقد نجح فيهما.

استطاع المخرج ديفيد دوبكن أن يستخدم الصورة ببراعة ليفرق بين حياة المدينة وحياة القرى الصغيرة، وهو هدف من أهداف فيلمه، فالمدينة باردة والقرية دافئة حتى لو توترت علاقاتها، ورغم أن الفيلم فى كثير من جوانبه قد يراه البعض مليودراما إلا أن المخرج نجح فى أن يحترم المشاهد تلك المليودراما ويفكر فى تفاصيلها.

فيلم القاضى حصل على إيرادات تصل حتى الآن إلى 46 مليون دولار، مما يعنى أن مشاهد هذا العصر البارد مازال يتطلع لفيلم يحوى قصة حب بين أب وابنه بما فيها من صراع.

بعد أن انتهيت من مشاهدة فيلم القاضى خرجت من دار العرض أسأل نفسى: هو إحنا مابنعملش ليه أفلام نحكى فيها عن البشر وعلاقاتهم وحياتنا تزخر بمثل هذه الحكايات؟! ثم رن جرس هاتفى لتسألنى زميلة صحفية ترتب لاستفتاء عن الأفضل والأسوأ فى أعمالنا الفنية، فتذكرت أفلاما مثل عمر وسلوى وواحد صعيدى غصباً عنى، ولكنى تذكرت أيضاً الجزيرة والفيل الأزرق، لكنى تذكرت كذلك كم نحن فقراء فى تحويل الواقع لصور سينمائية حتى لو مليودرامية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة