«لقد قتلنا وعذبنا وارتكبنا كل الخطايا، لكننا فعلنا ذلك من أجل حماية المواطنين الأمريكيين»، هذا ما قاله مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية «سى آى إيه» جون برينان أمام لجنة مجلس الشيوخ التى تحقق فى تورط الوكالة بالتعذيب، بعد أكثر من 13 عاما على وقوعها. وهو أمر تعامل معه البعض على أنه مفاجأة، مع أنه كان يحدث على الهواء مباشرة، ومن تابعوا الأحداث بعد 11 سبتمبر، وسياسات جورج دبليو بوش يعرفون أن السى آى إيه، كانت مطلقة اليد، وتقدم معلومات مضللة، وتم غزو العراق وتدميره بناء على معلومات عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل ثبت خطأها، وهناك جهات وصحف أثارت ذلك، ومنها كتابات الصحفى راجيف جاندراسيكاران، فى «واشنطن بوست»، الذى تحول إلى فيلم Green Zone الذى يدور عن ضابط يكتشف وهم أسلحة الدمار وتلاعب الاستخبارات، والتعذيب، والتحالف مع الإرهابيين وإدخالهم للعراق.
كانت هذه الجرائم على الهواء، واليوم يخرج من بين النواب والشيوخ من يصرخ «فضيحة تسىء إلى الولايات المتحدة»، وإذا كان يمكن للاستخبارات أن تعترف بالتعذيب، أو تعتذر، فإن هذا الاعتذار لا يعيد دولا تفككت ولا يمنع إرهابا جرت صناعته بدعوى مكافحة الإرهاب.
ربما يكون النقاش جزءا من معركة انتخابية بين الجمهوريين والديمقراطيين، فالجمهوريون قادمون، الرئيس بارك أوباما أوقف فقط «الاستجواب» عام 2009 لكنه تبنى برنامج مكافحة الإرهاب كاملا.
وهى ليست المرة الأولى التى تتفجر فيها جرائم الوكالة، ولن تتأثر «سى آى إيه» أو تخسر قوتها من فضيحة التعذيب، كما تقول «واشنطن بوست».. الحقيقة أن الاستخبارات كانت وستظل مصدرا يعتمد عليه كل رئيس وكل كونجرس للقيام بما لا تستطيع تنفيذه أى جهة أخرى. سوف تحتفظ الوكالة بدورها وسلطتها، تضاعفت ميزانياتها بمليارات الدولارات وتوسعت بالخارج، وتمتلك ترسانة أسلحة، منها أسطول طائرات بدون طيار، وهذا الخلاف الظاهر بين «سى آى إيه» ولجنة مجلس الشيوخ لن يمنع من حقيقة أن القادة الأمريكيين لجأوا لسحر الوكالة وقدراتها، مع كل تهديد، وقال مسؤول الاستخبارات هم يطلبون منا ما لا يستطيع غيرنا فعله، والرؤساء وقادة السياسة يفهمون أهمية سى آى إيه، ومنذ تأسيس الوكالة عام 1947، اعتمد عليها كل رئيس وكل كونجرس للقيام بعمليات سرية، يمكن أن تشمل القتل والتجسس والسرقة والرشوة والابتزاز لإضعاف خصوم أمريكا، وتضاعف الاعتماد عليها بعد 11 سبتمبر 2001، وظل دور الوكالة فى مكافحة الإرهاب مع بوش وأوباما، وبالرغم من الجدل الانتخابى، ستستمر الوكالة، هذه هى السياسة، وهذه هى أمريكا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة