سعيد الشحات

عمار الشريعى يسلم على جمال عبدالناصر - 5

السبت، 13 ديسمبر 2014 07:10 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت مدرسة المكفوفين هى العالم الذى انطلق منه عمار الشريعى إلى فضاء التفرد، وكان جمال عبدالناصر هو عونها، قال لى: أكاد أقول إنه لم يبدأ التفكير الجدى فى استكمال تعليمنا إلا لما زار جمال عبدالناصر مدرستنا ونحن أطفال، وكتب مقدمة خاصة لكتابه «فلسفة الثورة» فى طبعته الخاصة بـ«البريل» لنا، قال فيها: «الثورة لا تعرف معنى العجز، كل ميسر لما خلق له».

يكرر «عمار» هذه العبارة ثلاث مرات، أقول: «سنوات طويلة مرت، ومازلت تذكرها»، يرد: «مش ممكن تتنسى»، يلفت نظرى: «كررها معايا هتلاقى فيها إيقاع موسيقى» أقول: «فعلاً»، يعلق ببهجة: «إيه العظمة دى؟»، أضحك: «الإلهام شكله حضر»، نضحك «هأ، هأ، هأ، هأ»، شوف عايز أقول لك حاجة فى المسألة دى: لما رئيس الدولة يزور المكفوفين فى مدرستهم، ولما يكون هذا الرئيس بحجم وقيمة جمال عبدالناصر، فهذا يعنى أن كل الأبواب سيتم فتحها لنا، سنكون جزءا من هذا المجتمع الذى يعيش تحولاته الكبرى، سنكون على موعد مع القدر زى ما هو اتكلم عن جيله: «أن هذا الجيل جاء فى موعده مع القدر».

يواصل عمار: «الكلام ده حصل عام 1957، ولأنى كنت من الطلاب الحلوين جابونى وقتها عشان أسلم على عبدالناصر، سلمت عليه»، أسأله: «كنت واعى بقيمة إنك بتسلم على جمال عبدالناصر وأنت صغير كده؟»، ينتقدنى: «مين اللى قال لك كنت صغير؟، لما يكون أكبر رجل فى البلد بسلم عليه وبيسلم على بحب وحنان، مؤكد هيكون إحساسى إنى كبير وكبير قوى».

يلفت: «خد بالك، شعور الطفل عمار الشريعى بأنه كبير لم يكن شعورا مقتصراً عليه فقط، الشعور ده كان شعور كل جيل المكفوفين المتعلمين، والذين يملأون أماكن كبيرة الآن، كلهم أعتقد أنهم مدينون للرئيس جمال عبدالناصر وثورة يوليو 1952 فى تعليمهم».

يقفز: «إلى أن تعلمنا تأرجحنا كثيراً بين مآرب ومشارب مختلفة»، عبقرية عمار فى الحكى لا تدفعك إلى الرغبة فى أن ينتقل من مرحلة إلى مرحلة بسرعة، تتمنى أن يظل أياماً فى سرد الموقف الواحد، يرى فى كل موقف تفصيلة لا يراها إلا هو حتى لو حضرها آخرون، ومنها يحكى ما لا يراه الآخرون، أقول له: «بتقول إلى أن تعلمنا، يعنى هتقفز قفزة كبيرة كده، لو توافق أمسك نتيجة حائط وأقلب معاك أيام عمرك يوم بيوم»، يضحك: «أنا قلت لك خلاص إحنا بقينا أصدقاء، والكلام هيبقى كتير»، قلت بعمق: «يارب».

يستكمل: «لم نكن نعلم إلى أين سنذهب بعد التعليم الابتدائى؟، كان التوقع أن يتم توزيعنا على جامعة الأزهر، أو معهد الموسيقى، أو الاتجاه المهنى يعنى تعليم المكفوف صنعة يدوية، وبعد تعليمها يعمل فى مصانع خاصة بالمكفوفين، كان «الاتجاه المهنى» هو آخر الاختيارات، لكن كل هذا كان يعبر عن اهتمام قوى من الدولة بمصير هؤلاء المكفوفين».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة