يسعى المشوه دائما إلى جراح التجميل، تلك نعرفها، أما جراح التجميل الذى يسعى نحو المشوه ولا يلقى سوى الصد والرد، فلم نعرفها من قبل!!
تتعاقد الدول المأزومة، مع شركات تحصل على ملايين الدولارات من أجل تحسين صورتها فى دول العالم، وخلق صورة ذهنية مغايرة لتلك المنتشرة فى الصحف ولدى الدوائر الرسمية والحقوقية.
فعل التعاقد ليس عيبا، ولا هدرا للمال كما يظن البعض، وفى الحالة المصرية قد تصل ضرورة حدوثه إلى درجة الواجب الشرعى، سمعة دولة ما بعد 30 يونيو فى الأوساط الإعلامية والحقوقية والرسمية داخل أوروبا وأمريكا ليست جيدة، وكل آذان صناع القرار فى هذا الأوساط تم تسليمها بالتقاعس والبطء المصرى إلى ألسنة الإخوان يكبون بداخلها ما شاءوا من أكاذيب عن الوضع المصرى بعد 30 يونيو.
كان كل ما نطلبه من وزارة الخارجية والدولة المصرية فى الفترة الماضية، أن ندخل معركة الاستحواذ على آذان صناع القرار والمؤثرين فى تلك الأوساط التى ترسم صورة مشوهة عن مصر لكى يسمعوا منا ولا يكتفون بالسماع عنا.
أى من الأشياء السابقة لم يحدث، لا عبر شركات علاقات عامة كبرى أو مراكز بحثية كما يفعل الإخوان، ولا عبر تحركات السفارات المصرية فى الخارج التى تسير كما تسير السلحفاة أو من فرط بطئها تظنها قعيدة، على العكس تماما كان كل ما يحدث يساعد الإخوان على تشويه صورة 30 يونيو وتقديم مصر للعالم فى ثوب الدولة القمعية القاهرة للحريات.
بعض من العقلاء طرحوا فى أرض النقاش مصطلحا جديدا اسمه الدولة العبيطة، سخر منهم الكثيرون واتهمهم آخرون بإهانة الدولة المصرية، الآن تبدو العودة إلى المصطلح ذاته منطقية وضرورة، ليس فقط لتشريحه ومعرفة تأثيره على مستقبل الوطن ولكن لأن تطبيقاته أصبحت تملأ أروقة الكثير من المؤسسات والمصالح الحكومية فى مصر.
فى الولايات المتحدة الأمريكية يعرف السياسيون والإعلاميون والباحثون «ميشيل دان» يعرفونها، ويعرفون أن لها صوتا مؤثرا قادرا على تغيير الكثير مما هو موجود على أرض الواقع بصفتها دبلوماسية أمريكية سابقة تتمتع بالشهرة وبعض من النفوذ بجانب كونها كبيرة الباحثين فى معهد كارنيجى.
«ميشيل دان» مثلها مثل كل الباحثين والكتاب الأمريكان، استولى عليهم الإخوان بتقارير ودراسات تواصل جيد ومحكوم، وساعدهم فى ذلك الأنباء الخارجة من مصر عن وضع الحريات والأداء الحكومى، وبناءً على ما سبق أصبحت صورة 30 يونيو فى أذهان ميشيل دان مشوشة أو بمعنى أدق صورة لدولة مشوهة قمعية.
ولأننا كنا أول من طالب الحكومة بالتواصل مع هذه الأصوات الناقدة لمصر لتصحيح مفاهيمها عن الوضع بعد 30 يونيو، فرحنا جدا بخبر دعوة ميشيل دان ومعها أكثر من 20 باحث أمريكى وأوروبى إلى القاهرة لحضور مؤتمر ينظمه المجلس المصرى للشؤون الخارجية من أجل تصحيح صورة مصر الموجودة فى عقول المراكز البحثية الكبرى المؤثرة فى دوائر صنع القرار السياسى والإعلامى بالخارج.. ولكن الفرحة لم تكتمل.
وصلت «ميشيل دان» إلى مطار القاهرة، فوجدت نفسها على قوائم الممنوعين من الدخول، وعادت من حيث جاءت، وهى تحمل صورة واقعية تعزز لها تلك الصورة التى يرسمها الإخوان لمصر فى الخارج، ما حدث مع ميشيل دان قد تراه أنت إجراءً اعتياديا أو خطوة أمنية لها حساباتها، لا تنظر أسفل قدميك يا عزيزى وتعالَ ننظر معا إلى الأمام لنكتشف الكوارث.
- ميشيل دان تمت دعوتها من قبل مؤسسة تعمل داخل الحقل السياسى المصرى، وتم منعها من قبل جهاز أمنى مصرى، وإن دل ذلك فلا يدل سوى على كارثة تقول إنه لا يوجد تنسيق فى ملفات العمل بين الأجهزة والمصالح والأذرع الحكومية المختلفة، نحن إذن أمام دولة بلا عقل ولا خطة، خطوط التواصل بين أجهزتها مقطوعة.. ولا معنى لذلك سوى أننا فى وطن يسير بالبركة.
- لم يفكر أحد من رجال الجهاز الأمنى ولو للحظة فى أن يتخذ قرارا خارج الصندوق ويسمح للسيدة ميشيل دان بالدخول، طالما أن باطن وظاهر الدعوة هو تحسين صورة مصر، على الأقل يفتح الباب لميشيل دان أن تسمع من مصر لا أن تسمع على مصر لعل ما تسمعه يغير بعض مما شوه الإخوان.. ولكن ذلك لم يحدث
- الصحافة الأجنبية تستغل حادثة ميشيل دان للهجوم على مصر، ولهم فى ذلك كل الحق، لأن قرار منعها من دخول مصر لم يكن مرفقا بأسباب واضحة للمنع، الأخطر من كل ذلك هو تصريح «ميشيل دان» نفسه الذى قالت فيه: (بعض المصريين يشكون أننى لا أسمع بما فيه الكفاية للآراء المؤيدة للحكومة. وعندما قبلت دعوة لمؤتمر لمجموعة داعمة للحكومة. رفضوا دخولى دون سبب معروف).
مبروك على مصر عدو جديد، ومبروك على المصريين، السير بالبركة، ومبروك على مصر نفسها حالة «العبط» الغارقة فيها!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة