لا مفر من الانفتاح الكامل على روسيا والصين خلال المرحلة المقبلة، الدولتان العظميان تستطيعان بالفعل دعم القاهرة فى مجالات الطاقة وإعادة تأهيل البنية الصناعية والمشروعات الصناعية الصغيرة والتسليح وتدريب العمالة, بالإضافة إلى الشراكة فى مجالات المقاولات والنقل.
الصين وروسيا، وخصوصا الصين ليست لديها تلك الشروط السياسية المجحفة المرتبطة بتوجيه الاستثمارات وبرامج الدعم، هم يطلبون فتح أسواق ويعرضون مميزات نسبية وقروضا بتسهيلات وبرامج لتوطين التكنولوجيا وتأهيل العمالة، الأمر الذى يمثل مكاسب كبيرة لنا فى المرحلة الراهنة التى نتعرض فيها لضغوط سياسية شديدة لتمرير مشاريع سياسية تمس سيادتنا الوطنية ومجالنا الإقليمى الحيوى.
وإذا كنا لا نقبل بأى حال من الأحوال أن يتم المساس بترابنا الوطنى أو بسيادتنا وأمننا القومى، فلن يكون أمامنا إلا الصدام مع الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية وكندا، وهو ما يعنى توقف كثير من برامج المنح والمساعدات، لكن هناك مجالا آخر للمناورة والحوار السياسى مع الولايات المتحدة وحلفائها، عن طريق مد الجسور الاقتصادية والتجارية والسياسية طبعا مع قوى كبرى منافسة وفى مقدمتها الصين وروسيا، ولعل أبرز مثال لإدارة هذا الصراع السياسى المشروع، كان فى أزمة الطائرات الأباتشى التى عطلت إدارة أوباما تسليمها لمصر لشهور، قبل أن ترضخ بعد أن فتحت الإدارة المصرية خطا ساخنا مع روسيا لاستيراد المعدات البديلة، وهو ما أدركت واشنطن بعدها أن حجم خسارتها من عدم تسليم الطائرات أكبر كثيرا على المستوى الاستراتيجى من تسليمها لنظام وطنى مصرى رافض لمشروعها الاستعمارى الجديد فى المنطقة.
لا أقول إننا سنكون جزءا من حلف شرقى بقيادة روسيا والصين لمواجهة حلف الناتو بزعامة الولايات المتحدة، لكن المنطق يقول إننا إما نخضع لإملاءات واشنطن حرفيا كما كان يفعل مبارك مقابل حفنة مساعدات ومنح لا تسمن ولا تغنى، أو نخلق البدائل القوية التى تجعل الإدارة الأمريكية تعتبرنا دولة مستقلة ذات سيادة ولها مصالحها وثقلها الإقليمى، ويمكن أن نتبادل علاقات التعاون والمصالح المشتركة.
على هذه الأرضية ندرك الأهمية القصوى للانفتاح على الصين أولا وروسيا ثانيا، حتى لو كان بداية التعاون مجرد بروتوكول لتمويل وتنفيذ مترو العاشر ومشروع القطار السريع مع الشركات الصينية، فالقادم أكثر بالتأكيد مع حسن إدارة أزماتنا ومواجهة تحدياتنا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة