سيادة الرئيس، جلست معك، وتلمست صدقك وإيمانك بقضايا وطنك، وقبلهما حرصك على ألا يقض أى مواطن يوما واحدا خلف الأسوار ظلما.
سيادة الرئيس أنقل إليك رسالة من أحمد جمال زيادة، زميل صحفى، قُبض عليه أثناء تأدية عمله، قبل عام فى أحداث اشتباكات الأزهر، لا أتحدث عن حبسه احتياطيا لفترة أكثر من 170 يوما، فالقضاء من قرر ذلك وما علينا إلا احترام القانون، ولكن أتحدث عن الانتهاكات التى يتعرض لها بسجن أبو زعبل.
سأنقل إليك النص الكامل لرسالة من داخل السجن كتبها زيادة، سأسردها، وأترك لسيادتك التعليق، وأنتظر تدخلكم ونصرة المظلوم، يقول زيادة: «بالأمس اقتحم الزنزانة أشخاص طوال الجسم وصغار العقل، ملثمون ويرتدون السواد، أصواتهم غليظة وفى أيديهم أسلحة وعصا فض اشتباكات، أمرونا بأن نجلس على الأرض وأن نضع وجوهنا فى وجه الجدران ونضع أيدينا فوق رؤسنا كما الأسرى فى الحروب، ثم ضربونا ضربا مبرحا دون سبب، ضربونا وكأننا مثلا قتلنا أولادهم أو خربنا ديارهم، ضربونا بانتقام لم أر مثله من قبل، اعترضنا فازداد الضرب عنفا ووحشية، كانوا ينعتوننا بأبناء العاهرة، جميعهم ملثمون، ونادوا على أسماء بعينها منهم «أحمد مصطفى» وقيدوا أياديهم وأرجلهم من خلف وأخذوهم إلى مكان غير معلوم، وكنت أعلم أنى ضمن المطلوبين وبالفعل نادى على اسمى وكان يعلم عنى كل شىء.
وقال إنت بقى أحمد جمال زيادة. إنت بقى اللى مضرب يا ابن الـ ....، وكان يعلم أننى من رسمت صورة الشهيد «جابر جيكا» على جدران الزنزانة. فسألنى: من هذا؟..لم يتركوا أخضر ولا يابسا، فقد سرقوا كل شىء (الملابس الشتوية. سخانات المياه. كراسى يجلس عليها كبار السن. سجائر. ساعات. بطاطين).
أما الأشياء التى لن يستفيدوا منها فدمروها، وقطعوا كل أوراقى وكتبى، وأخذوا الراديو الخاص بى وقال: بتسمع راديو يا ابن الـ.....، وتعمد تحطيمه أمام عينى وداسه ببيادته، ظنا منه أنى سأنكسر كما انكسر الراديو، ولكنى ضحكت فازداد غيظا على غيظه وضربنى ورفاقى الذين قدر لهم أن يكونوا بجوارى فنالوا ما نالوه. فى الحقيقة لم أحزن على شىء قدر ما حزنت على فراق «أحمد مصطفى» وقدر حزنى على يومياتى التى مزقوها.. بالصدفة كانت زيارة أخى وابن عمى فى نفس اليوم. وفى طريقى للزيارة رأيت أحمد مصطفى وهو مقيد و26 آخرين منهم شيوخ فى العمر، نظرت إليه دون أن أتحدث فابتسم كأنه يطمئننى. ولم تفارقنى صورته وأنا ذاهب إلى الزيارة فلم أتمالك دموعى التى زرفتها دون تعمد على فراقه وليس على الضرب والسرقة والتحطيم فى زنازين السجن. وبعد انتهاء الزيارة رأيت أحمد ورفاقه فى سيارة الترحيلات فنادانى وقال: «لا تحزن. وأكتب ما حدث ولا تمل الكتابة» - ولهذا أكتب - «فقلت له والحزن يملؤنى: سترحل كما رحل ياسين صبرى من قبل!، فأمرنى ألا أدعهم يرون دموعى حتى لا يظنون أننى منكسر. أمرنى بذلك رغم الدموع الواضحة فى عينيه حزنا على الفراق. ثم رحل الرفيق كما رحل الرفاق من قبله.. هكذا هى السجون جدرانها بنيت على الفراق والدموع والضحك المجروح.. ثم صعدت إلى زنزانتى حيث أربعة جدران وبلاط كالجليد دون أى شىء آخر يمكن استخدامه فى المعيشة. هذا هو حال أحد أبنائك سيادة الرئيس فى سجن أبو زعبل، مهما كانت ميوله السياسية، يبقى تدخل سيادتكم للتحقيق فيما جاء بالرسالة ونصرته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة