لا سحر ولا شعوذة، رزق المولى كبير، سلبنا كل شىء، إلا السادة المسؤولين أعطانا منهم من يفتح المندل، ومن يعرف الملحد من نظرة فى عينيه، ومن يشم روائح عبدة الشيطان على بعد ميل، ومن يعرف أن الذى يعبر البحر دون أن يصيبه الماء هو العجل فى بطن أمه.
قبل سنوات طويلة من الآن كان الأستاذ المذيع جلال علام يقول فى خاتمة برنامجه مواقف وطرائف المذاع على القناة الثانية المصرية: «مش هتأخر عليكم وهجيبلكم معايا غرائب وطرائف وعجائب ونوادر.. بوعدكم كلها جديدة.. بنطير نجيبهالكم من كل أنحاء الدنيا».
الآن لا يحتاج الأستاذ جلال علام إلى الطيران أو السفر ليأتى بما هو عجيب أو غريب، يكفيه فقط أن يذهب للقاء السيد المهندس جمال محيى، رئيس حى عابدين، وسيسمع منه كل غريب.
سيقول له المهندس جمال محيى، رئيس حى عابدين، إنه نجح فى تحطيم قهوة الملحدين و«عبدة الشيطان» بشارع الفلكى، سيقول ذلك بفخر ويعلن بزهو أن السيد محافظ القاهرة أثنى على خطوته الذى أغلق فيها المقهى لمنع انتشار الكفر فى ربوع مصر، لأن الشباب الذين يجلسون على المقهى ملحدين.
هذه الواقعة صحيحة تماما، مر عليها أكثر من 48 ساعة ولم يكذبها أحد، لا رئيس الحى ولا المحافظ، وهنا يحين موعد وقفة التقاط الأنفاس.
- رئيس الحى يقول: أغلقنا المقهى لأن زبائنها ملحدون، ولنا أن نسأله كيف عرف أنهم ملحدون؟، هل توجد تحاليل دم أو بول يمكن من خلالها اكتشاف الملحد من المؤمن؟، أم توجد مواصفات شكلية للملحد، أم يرتدى الملحدون فى مصر «يونى فورم» زيا موحدا، أم يضعون على صدورهم شارة الإلحاد؟، ما نعلمه نحن وما يجب أن تعلمه أنت أن الملحدين - إن كانوا ملحدين أصلا - ليسوا بثلاث عيون، ولا تنبت لهم قرون ولا يظهر لهم ذيل؟
- كيف تجرأ المهندس رئيس الحى على اتهام شباب بالكفر والإلحاد لمجرد جلوسهم على المقهى، بأى حق وبأى علم منح نفسه حق التفتيش فى هويات الناس الدينية، كيف فعل ذلك والأزهر بجلالة قدره لم يجرؤ على إصدار فتوى بتكفير داعش؟
- رئيس الحى قال إن زبائن المقهى يمارسون طقوس عبادة الشيطان، فهل يملك دليلا على ذلك؟، هل يملك دليلا يؤكد به أن مقهى مفتوح على البحرى فى شارع مصرى مزدحم بالناس يتم فيه طقوس عبادة الشيطان، هل قامت الشرطة بالتحريات، هل حققت النيابة؟، هل أصلا تم القبض على واحد منهم؟، كل الأسئلة السابقة إجاباتها ستأتى بلا، واستنادا من ذلك نكتشف أن السيد رئيس الحى إما أنه اعتمد مبدأ التخمين، أو فتح المندل.
بعد السابق من الكلام وجب أن تسأل نفسك، هل تريدها دولة قانون أم دولة مهلبية؟! إن كنت تريدها دولة قانون فما فعله رئيس الحى لا يخرج عن كونه تهريجا يستحق العزل والعقاب، لأن هذا النوع من الموظفين خطر على مجتمع، أما لو كنت تريدها دولة مهلبية، يمكنك أن تفعل كما فعل محافظ القاهرة وتقوم بالثناء على فعل السيد رئيس حى عابدين، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وحسبى الله ونعم الوكيل فى اللى بتعملوه فى البلد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة