حتى الآن لم يؤكد أحمد عز بنفسه نبأ ترشحه للانتخابات البرلمانية المقبلة وترك الرأى العام يتداول ما دار بينه وبين عماله بين رافض تماما للفكرة والشخص، وبين متسائل عن أحقيته سياسيا فى الترشح، أمين التنظيم السابق للحزب الوطنى المنحل يريد اختبار نبض الشارع السياسى من مسألة ترشحه، فالموانع القانونية أمام عدم ترشحه غير موجودة، وإنما الموانع السياسية تمنعه، فعودته هى ضد العقل والمنطق والواقع وضد السلطة الجديدة فى مصر بعد 30 يونيو التى أعلنت انحيازها لثورة 25 يناير، وأكدت مرارا أنه لا عودة للماضى.
فما بال إذا كان العائد هو الماضى نفسه مجسدا فى شخص أحمد عز مهندس التوريث والتزوير وأحد الأسباب الرئيسية فى الانفجار الشعبى ضد نظام مبارك فى يناير، واستحق أن يكون هو «الرجل الذى حرق مصر» وكان ذلك العنوان الذى كتبته عنه فى «اليوم السابع» بعد أيام قليلة من ثورة يناير، فقد ورطه طموحه الجامح نحو السلطة إلى الإطاحة بمبارك.
عودة عز إلى ممارسة حياته الطبيعية بعد إخلاء سبيله فى قضايا غسيل الأموال يعتبرها الكثيرون إهانة وطعنة لثورة الشعب فى يناير، فالرجل عزله الشعب ولا يطيق سماع اسمه، وكان أولى به من باب الخجل والحياء السياسى أن يتوارى عن المشهد السياسى احتراما لإرادة الشعب وعدم استفزازه، ولكن يبدو أن عز لا يعرف «حمرة الخجل» أو حتى لا يعرف الخجل نفسه.
فى رأيى أن عودة عز هى إهانة بالغة للمشهد السياسى الحزبى برمته فى مصر، فالأحزاب والقوى الوطنية ومن يطلقون على أنفسهم «قوى شبابية وثورية» لم تملأ الفراغ السياسى والاجتماعى الذى تركه الحزب الوطنى والإخوان، وتفرغوا فقط لمعارك هامشية والصراع لأهداف حزبية ومصالح شخصية ضيقة، وعجزت عن الوصول إلى الشارع حتى الآن وفشلت فى تكوين جبهة مدنية موحدة لخوض الانتخابات البرلمانية بقائمة واحدة. الأحزاب ارتعدت من عودة عز وألقت التهمة على «النظام» الذى يسمح بعودة هؤلاء، ولم تبرر ذلك لعجزها وفشلها فى العمل بنظرية «ملء الفراغ الاستراتيجى» بعد هزيمة الشعب للوطنى والإخوان.
الأحزاب والقوى والوطنية والحركات الشبابية والثورية «لا تلوم إلا نفسها لعودة أحمد عز وأتباعه، فقد أخفقت بامتياز فى مباراة «ملء الفراغ السياسى».