استغل فاروق حسنى افتتاح معرضه قبل أيام قليلة ليعلن أمام الحضور أن «براءة مبارك عودة للحق والتاريخ» فى تحد صارخ لمشاعر ملايين المصريين الذين انتفضوا ضد الرئيس الأسبق ونظامه الفاسد. ولم يجد الوزير الأشهر فى زمن مبارك أى غضاضة فى أن يفخر بإنجازات الوزارة ومشاريعها على مدى فترة وجوده بمنصب الوزير، وأنه أدى رسالته على أكمل وجه خلال عمله فى هذه الفترة، كما قال بالنص للزميلة نبيلة مجدى فى «اليوم السابع»، 17 ديسمبر.
مرة أخرى مضطرون أن نحدد المعايير التى نحكم بها على أى مسؤول، ونؤكد أن نجاح الرئيس أو الوزير فى مهام عمله مرهون بما حققه من إنجازات لصالح الغالبية العظمى من الشعب، وليس لصالح الأقلية المترفة.
تولى فاروق حسنى وزارة الثقافة عام 1987، وظل مستمتعًا بالمنصب الرفيع حتى طرد مع رئيسه ورموز النظام فى ثورة يناير 2011، أى أنه بقى فى موقعه أكثر من 23 سنة كبيسة، فما الإنجازات «المهمة» التى حققها معاليه؟
بنظرة سريعة سنكتشف أن الفكر المتخلف المتشدد استشرى وتفشى فى الأعوام الأخيرة التى كان فيها الوزير ينعم بالجاه والمال، وأن وزارته لم تفعل شيئًا لمواجهة النمو المرعب لتجار الدين، فاستحوذوا على عقول الشباب ودمروها، والنتيجة واضحة.. ملايين من الشباب المسكين دخلوا فى الجماعات الإرهابية أفواجًا!
لماذا؟ لأنهم لم يجدوا ثقافة جادة مستنيرة تستطيع استيعاب طاقاتهم المتفجرة، وتملأ عقولهم بكل ما هو ممتع ومفيد وصالح للعصر الحديث، ولأن المرء لا يستطيع أن يحيا بعقل فارغ، فكانت المأساة، إذ تقدمت الجماعات المتخلفة وملأت عقول الشباب بأفكار وآراء بالغة التعصب والتعاسة، وأعادتهم إلى الخلف قرونا عددًا!
ليت فاروق حسنى يخبرنا لماذا زادت نسبة الأمية فى عهده الميمون؟ وكم مسرحًا هُدمَ فى زمنه؟ وكم سينما أغلقت على يديه؟.. إن كل الشواهد تؤكد أن زمن مبارك الذى يفخر به الوزير كان أسوأ الأزمنة على صعيد الفن والثقافة، فقد تم إغلاق مئات دور العرض لتتحول إلى خرابات أو جراجات أو مولات فى أفضل الأحوال، الأمر الذى سهّل لأصحاب الرؤى المتشنجة أن يبثوا أفكارهم البائسة فى عقول الفتيان الذين لم يجدوا ملاذًا إبداعيًا حقيقيًا يحميهم من سموم الجهل والتخلف.
أذكر فى طفولتى وصباى - قبل أربعين سنة فى شبرا الخيمة- أننا كنا ننعم بالذهاب إلى سينما المؤسسة، وسينما دوللى، وشبرا بالاس، وستراند كل أسبوع، وأننا كنا نشاهد العروض المسرحية على مسارح المؤسسة، والمظلات، وقد اختفى كل ذلك الآن.
أذكر أيضًا أننى التقيت مصادفة وزيرًا مهمًا من وزراء مبارك فى أحد مولات دبى قبل سقوط مرسى بأيام.. كان الرجل حزينًا ومكتئبًا على المجد الذى زال، ولما سألته عن الجرائم التى ارتكبوها فى حقنا قال بغطرسة: «مصر دولة عظمى وشعبها صراصير»!
هكذا إذن كان يرانا مبارك ورموزه ووزراؤه.. مجرد شعب من الصراصير لا يستحق سوى الدهس بالأقدام!
ليت فاروق حسنى يتوارى عن الأنظار ويمكث فى مرسمه ليعبث بالألوان.. وكفى!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة