السيد عبد العليم يكتب: هل نحن داعشيون بالفطرة؟!

الجمعة، 19 ديسمبر 2014 08:06 ص
السيد عبد العليم يكتب: هل نحن داعشيون بالفطرة؟! داعش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وأمر بالأسرى فقتلوا جميعا، وكان فيهم قائدهم ابن جنكيزخان فأمر به فأحضر لديه ليقتله بنفسه، ولكن محمودًا تقدم إليه قائلا: "يا خالى إنك لا تقتل إلا جنكيزخان نفسه، أما ابنه فهذا فدعه لسيفى فإنه غير أهل لسيفك". فضحك جلال الدين وضحك من معه وقال له: "صدقت يا محمود عليك به فاقتله على ألّا تزيد على ثلاث ضربات"، فتقدم محمود ودنا من الأمير التترى وكان قد شد بقيوده إلى الأرض فهز سيفه هزتين فى الهواء ثم ضرب به عنق الأسير ضربة أطارت رأسه، فكبّر الحاضرون فرحين معجبين بقوة الأمير الصغير، والتفت محمود إلى خاله: "لم أزد على ضربة" فقام له جلال الدين وعانقه قائلا: "بارك الله فيك يا بطل").

الفقرة أعلاه - على ما فيها من ركاكة أسلوب ووحشية مضمون - جزءٌ من رواية مقررة بالكامل لطلاب الصف الثانى الثانوى طبقًا لمنهج وزارة التربية فى مصر، مقررة كما هى لما يزيد عن ربع قرن ولا زالت على ما فيها من قسوة وغلظة بقتل أسير وسط فرحة وتهليل ومباركة وتكبير المحيطين !

ثم نتساءل بسذاجة تصل حد البلاهة أحيانا: "أحنا مالنا بقينا عدوانيين كدة ليه؟ جبنا القسوة دى منين؟"

كم شمت بعضنا فى مقتل أخوة لنا فى البشرية لأنهم اختلفوا معنا! فنبرر ونبارك - بدم بارد - القتلَ: جنود الجيش ورجال الشرطة، مَنْ غُرِّر به فى رابعة، غزة، صحفيين ومتطوعى إغاثةٍ أمام الكاميرات يُنحرون.

نموذج صارخ لما أعنيه: (داعش) ذاك المصطلح المتداول فى التقارير ونشرات الأخبار ومواقع التواصل يُراد به (تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام) واختصارا (تنظيم الدولة ) .

أى دولة؟ ما الفكرة المتكاملة لتأسيس دولة يتبناها التنظيم؟ "دولة" تحتضن أبناءها لا تروعهم! يفترش الفرد فيها أرض بلاده بلا خوف! ينام فى عيون وطنه قرير العين آمنا لا يتحسس - كل حين فى نومه - رأسه ليتأكد أنه لا يزال فى موضعه الذى ارتضاه الخالق له مرتبطًا بباقى جسده! لا يشغله القلق على ماله متى سيستباح، وتحت أى فتوى ستُسبى نساؤه.. ويُباع نسله فى سوق النخاسة! دولة لا فرق بين أفرادها - كما يقولون - إلا بالتقوى وهو أمر موكل معرفته البارئ وحده؛ فلا فرق فيها إذًا لمن يحمل هويتها..

أَمِنْ قاطعى الرءوس ننتظر ذلك ونأملُه؟! كم من ذبيح يعلن الشهادة بين أيديهم ولا تسلم روحه من إزهاقها!

لذا من حقِّنا التساؤل الآن: هل استطاع الإسلاميون خلال الفترة الأخيرة أن يقربوا العباد من ربهم؟ هل تمكن رافعو شعار (الإسلام هو الحل) - قديمًا ليحلوا محله صورةَ كبيرٍ لهم وأربع أصابع متفرقة اختزلوا بها اعتناقهم - تقديم حلول تقنع الناس أن بأيديهم حلاً؟

اَستطاع بناة العقيدة وحُماتها - سلفيو عصرنا - صياغة مشروع يستوعب شباب الوطن العاطل يوظف طاقاته بإيجابية بدلا من الإنفاق ببذخ على دعاية لكل مَنْ غَلَبَ.. وهم الأعلم بأن الكفر رديف الفقر؟

أتمكن الجهاديون من تأليف قلوب الناس حولهم بعد رفعهم للقرآن أمام جثث من قتلوا وحرقوا فى إصدارهم الذى سموه رائعًا (جولة أنصارهم)؟ أهذا مقام رفع كتاب الله نشوةً؟ وهل هذا المرفوع على الجثث المتفحمة تباهيًا هو نفسه قرآننا الذى نتلو؟ أم أنهم استنبطوا من بين سطوره ما فاتنا؟

هل نجحت (الجبهة السلفية) التى تتبرأ منها (الدعوة السلفية) فى تقديم نظرة عصرية لحياة كريمة للبشر وتحديدًا الشباب مستوعبة ما فيهم من اختلاف بدلاً من تركهم فريسة لإلحادٍ انتشر فى صفوف الحائرين منهم؟

للأسف (الإسلاميون) بكل اتجاهاتهم وأجنحتهم أثبتوا أنهم لا ينصرون "فكرةً" ولا ينتصرون لمبدأ ما لم يكونوا أصحاب مصلحة من هذه النصرة، لدرجة إبهار "ميكافيلى" نفسه فيراجع كتابه الشهير "الأمير" ليضيف فصلا يستلهم من (إسلاميّى زماننا) أفكارًا مبتكرة فى سحق كل (قيمة) أمام غاياتهم - التى وإن كانت نبيلة - لا تبرر وضاعة وسائلهم.

وعليه، إن كان الإسلاميون يعملون حقًا لأجل الإسلام، وهو فى أساسه (دعوة)؛ قد تلقى القبول أو الرفض ممن يحاولون استمالته، أقول إن كانوا صادقين فى دعواهم وكونها خالصةً للإله؛ فلْيراجعوا أنفسهم، ولْيحصوا كم البشر الذين نفّروهم بأفعالهم التى تُنسب للدين ظلمًا، وليذكروا أنهم ممن سيقف أمام الله ليحاسب، وليسوا مستثنين؛ فلا يملك أحدهم صكوكَ غفرانٍ لنفسه أولاً كى يوزعها بالتالى أو ينزعها عن غيره، وماذا سيفعلون مع "لا إله إلا الله" إن جاءت تحاجهم فيمن قتلوه وهو يتلفظها مُسلما روحه لباريها؟.. وعند الله تجتمع الخصوم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة