إسراء عبد الفتاح

فاكرين نعم للدستور!

الجمعة، 19 ديسمبر 2014 10:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فاكرين لما كانت فى كل مكان يافطة أو إعلان بتقول «نعم للدستور»، فاكرين لما كل الإعلام كان بيروج لـ«نعم للدستور»، فاكرين لما كان الدستور هو أعظم دستور فى الدنيا، فاكرين الأفورة فى كل حاجة، ده مكنش بعيد على فكرة معدش عليه سنة لسه، لحقنا ننسى!

هافكركم ببعض المعلومات الأكاديمية عن الدستور، فكلمة الدستور ليست عربية الأصل، ولم تذكر القواميس العربية القديمة هذه الكلمة، ولهذا فإن البعض يرجح أنها كلمة فارسية الأصل دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية، ويقصد بها التأسيس، أو التكوين، أو النظام.

الدستور هو القانون الأعلى الذى يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة «بسيطة أم مركبة»، ونظام الحكم «ملكى أم جمهورى»، وشكل الحكومة «رئاسية أم برلمانية»، وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات بين السلطات، وحدود كل سلطة، والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.

وفى المبادئ العامة للقانون الدستورى يعرف الدستور بأنه مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة، والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها، دون التدخل فى المعتقدات الدينية أو الفكرية، وبناء الوطن على العالمية، والواضعة للأصول الرئيسية التى تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة، أو هو موجز الإطارات التى تعمل الدولة بمقتضاها فى مختلف الأمور المرتبطة بالشؤون الداخلية والخارجية.

ويشمل اختصاصات السلطات الثلاث «التشريعية والقضائية والتنفيذية»، وتلتزم به كل القوانين الأدنى مرتبة فى الهرم التشريعى، فالقانون يجب أن يكون متوخيًا القواعد الدستورية، وكذلك اللوائح يجب أن تلتزم بالقانون الأعلى منها مرتبة إذا ما كان القانون نفسه متوخيًا القواعد الدستورية، وفى عبارة واحدة تكون القوانين واللوائح غير شرعية إذا خالفت قاعدة دستورية واردة فى الوثيقة الدستورية.

هذا هو التعريف الرسمى الدارج للدستور فى أى دولة، فكيف لدولة أن تكتب دستورها ولا تطبقه!.. نعم أعلم أن الدستور يحتاج أن يترجم إلى قوانين لكى تطبق، والقوانين تحتاج إلى برلمان لكى يشرع، ونحن حتى الآن لم ننتخب برلمانًا، لكن هذا لا يعنى أن نتجاهل الدستور تمامًا وكأن شيئًا لم يُكتب، وكأن شعبًا لم يصوت عليه بالموافقة بنسبة 98%. وعندما ننادى ونطالب باحترام الدستور فهذا ليس إفتاء أو عبثًا لكى تصيح الأصوات الرافضة لذلك تحت أى مسمى، فقد ارتضينا جميعًا أن نحتكم إلى هذا الدستور يوم أن أعلنت اللجنة المشرفة على استفتاء الدستور نتيجة التصويت، وأقرت أنه دستور البلاد، وأقسم رئيس الجمهورية على احترامه «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه».

فلا أستوعب الأصوات المنادية بانتهاكه وإهانة نصوصه، والاختلاف الذى نشأ حول صدور قانون تجريم إهانة ثورتين عظمهما الدستور، فتجريم الإهانة ليس له علاقة بحرية الرأى والتعبير، إلا لو اعتبرنا أن إهانة الأشخاص أو الأشياء تندرج حول حرية الرأى والتعبير! فمن المنطقى أن نختلف على نصوص القانون قبل إصداره لو تعارضت نصوصه مع حرية الرأى والتعبير المنصوص عليها فى الدستور أيضًا، وأن يفصل فى ذلك خبراء قانونيون ودستوريون، ومن المنطقى أن نختلف ونناقش كيفية تطبيق هذا القانون، لأن مصر تزخر بالقوانين التى كتبت ولا تطبق، إما لصعوبة تطبيق هذه النصوص على أرض الواقع، أو لفساد، أو محسوبية، وما إلى ذلك، لكن من غير المنطقى أن نرفض فكرة قانون يريد أن يذكرنا بالدستور الذى ننتهكه ليلًا ونهارًا دون رادع!

ومن جهة أخرى، تذهلنى الأصوات التى تريد تعديل الدستور وحبره لم يجف بعد.. دستور لم يطبق بعد، دستور ولد ووقف نموه، فليس هناك برلمان يطعمه القوانين اللازمة له! منهم من يريد تعديله وتغييره لمصالح خاصة وشخصية، وهم من أيتام مبارك، ويتملقون الرئيس بأن الدستور ليس من مصلحته، وكأن الدستور وضع للرئيس فقط، وليس للرئيس والشعب والوطن مجتمعين! وما يثير اندهاشى أكثر هم من كانوا فى مواقع قيادية وقت كتابة الدستور، ووقت الاستفتاء عليه، ولم ينتقدوه بحرف واحد وقتها، ولم ينتقدوا لجنة الخمسين وقتها أيضًا. وأعتقد- لكنى غير متأكدة- أنهم صوتوا وروجوا لنعم للدستور، لكنهم الآن ينتقدون اللجنة وطريقة عملها ويصفونها بـ«لجنة العلاقات العامة»، وأيضًا ينتقدون الدستور ونظام الحكم ومدة الرئاسة. والتوقيت بالنسبة لى غريب جدًا، لماذا الآن بعد مرور ما يقرب من عام؟! حتى لو أنهم لا يقصدون التغيير فى الوقت الحالى، لكن فى المستقبل، فالتصريحات التى تنتقد اللجنة وعملها والدستور فى هذا التوقيت محل دهشة واستغراب، حيث إننا لم نسمع مثل هذه التصريحات وقت كتابة الدستور.. الأمر يحتاج توضيحًا ويحتاج أن نعلم، هل هؤلاء الأشخاص والقيادات صوتوا بنعم للدستور أم بلا؟! فلا أظن أن الرئيس سيستجيب لمثل هذه الدعوات! فكم أتمنى ذلك، وأتمنى أيضًا أن يوضح ذلك للرأى العام بمنتهى الحسم، فالاختلاف على الدستور الآن هو التهديد الأكبر والأعظم للأمن القومى للبلاد، أفلا تتعقلون؟! اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة