بعيدا عن المزايدات، وتجارة الشعارات، والعواطف الجياشة من حب وكراهية، وأحقاد وأمراض «مكلكعة» تحملها الصدور، من مختلف التيارات، وأصحاب المصالح، لبعضها البعض، تعالوا نناقش الأمور بصدق وعقل، منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحتى قرار براءة مبارك ورجاله من تهم قتل المتظاهرين، تعالوا أيضا نُقر ونعترف، أن العقد الأخير من عصر مبارك شهد فسادا فى كل المناحى، وفى القلب منها الفساد السياسى، ما لم تشهده مصر عبر تاريخها الطويل، وأى مؤرخ منصف، ولديه ضمير حى، سيؤرخ لهذا العقد تحت عنوان، «عصر الاضمحلال الرابع».
ثم تعالوا ننتقل إلى سيناريو ثورة 25 يناير، ونركز فيه على مشهدين فقط من مشاهده العديدة.
المشهد الأول:
خرج المصريون يوم 25 يناير 2011، فى مظاهرات صاخبة، تأثرا بما حدث فى تونس، ورغبة حقيقية فى التغيير وتطلعا إلى مستقبل أوسع وأرحب، ورددوا شعارات «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، وبنظرة تأملية على هذه الشعارات، تكتشف أنها لم تتضمن إسقاط النظام، أو محاكمة مبارك!
ومع التسليم أن صخب الثورة، ونجاح الحشد فى الميادين الثلاثة «التحرير بالقاهرة.. والقائد إبراهيم بالإسكندرية.. والأربعين بالسويس»، وسقوط ضحايا، دفع المتظاهرون إلى تعلية سقف المطالب، لتصل إلى إسقاط النظام ورحيله عن المشهد السياسى، وإلى هنا أيضا، لم تكن المطالب من بينها محاكمة مبارك!
يوم 11 فبراير 2011 رحل مبارك ونظامه عن الحكم، وهنا نجحت ثورة 25 يناير - تاريخيا وسياسيا - ، وانتقل الحراك الثورى بسرعة الصاروخ إلى مقر مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان الإرهابية بالمقطم، واستطاع «كهنة» الجماعة بقيادة الكاهن الأعظم محمد بديع، أن يسخر كل نشطاء واتحاد ملاك ثورة يناير، لخدمة أهدافه ومنها القتل والتمثيل بجثة الحراك الثورى، فيما أطلق عليها اصطلاحا «غزوة الصناديق» للاستفتاء على الإعلان الدستورى 19 مارس 2011، ومن ثم فإن القانون عاد من جديد، وتم تقديم البلاغات، وتحريك القضايا ضد مبارك بموجب القانون الذى أعاده للحياة، غزوة الصناديق الإخوانية وحلفاؤها.
المشهد الثانى:
ببساطة ومن غير تعقيد، فإن القانون الجنائى لا يعرف غزوة صناديق، ولا حراكا ثوريا، يعترف فقط، بمن القاتل، ومن المقتول، وأين أداة الجريمة، وبصمات القاتل، وفى أى زمان، والمكان، والشهود، والسؤال، من شاهد مبارك يقتل أحدا فى ميدان التحرير؟
وللإجابة على هذا السؤال، ينحصر فى الذين هرولوا وراء غزوة الصناديق، والموافقة على محاكمة مبارك ورجاله بالقانون، ولم يتم محاكمته على فساده السياسى، بقانون الثورة، وبالمناسبة، هو نفس الخطأ الذى وقعت فيه ثورة 30 يونيو 2013، والتى تحاكم مرسى ونظامه بالقانون، وليس قانون الثورة.
إذن لنعترف، أن هناك قلة من الانتهازيين السياسيين تقف وراءها جماعة الإخوان الإرهابية، يتاجرون بالشعارات، والمواقف المتلونة، ويزايدون برخص مقيت، ويسيرون عكس اهتمامات الغالبية الكاسحة من الشعب المصرى، لتحقيق مصالحها الخاصة، من شهرة ومال، على جثة الوطن، ويعقدون الاتفاقيات الآن فى السر والعلن، لإثارة الفوضى!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة