حسنا فعلت مؤسسة أخبار اليوم، برئاسة ياسر رزق، حين نظمت قبل يومين مؤتمر (صناعة الإبداع ومستقبل مصر)، وحسنا فعل الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما قرر أن يشمل هذا المؤتمر برعايته.. لماذا؟
لأن الإبداع لا يقتصر على «السلعة» المنتجة من قبل المبدع فقط، وإنما هو صناعة فى حاجة إلى ترويج وتسويق، مثل أية سلعة أخرى، فما معنى أن تصدر ديوانا أو رواية أو ألبوم أغانى ولا تعرف كيف تروجه بين الناس؟ وما معنى أن تعترض طريقك لإنتاج وتصوير فيلم عشرات المعوقات الإدارية والروتينية؟
الإبداع أيضا ليس مجرد صناعة فقط، بل هو صناعة ثقيلة، وثقيلة جدًا، لأن المنتجات الإبداعية تستهدف العقل والضمير والذائقة، وما من مجتمع قادر على النهوض والتقدم دون أن يرفرف بجناحى العلم والفن، ودون أن تتوفر لأفراده «السلع» الفنية والأدبية الجيدة بأسعار معقولة.
إن عددنا تجاوز 94 مليونا، وأكاد أجزم أن هناك نحو 100 ألف مبدع حقيقى فى جميع المجالات، وهى نسبة منطقية، ومع ذلك نلاحظ تدهور الأحوال المعيشية للمبدعين إلا من رحم ربى، فباستثناء نجوم الصف الأول فى السينما، وحفنة من مشاهير الكتاب لا يحظى المبدع المصرى بحياة لائقة بكل أسف، فهو فى حالة لهاث يومى من أجل لقمة العيش وتربية الأبناء، وهو يصارع الوقت بكل قواه ليقتنص منه بضع ساعات ليكتب أو يرسم أو يمثل أو يغنى، وهو يكابد الأمرين لينشر ما أبدعته قريحته، وهو ملاحق من تجار الدين.. مرة ينعتونه بالمارق.. ومرة يكفرونه، وهو متهم من قبل رجال المباحث إذا اعترض أو تململ من النظام، وهو غير مذكور بالمرة فى جميع أحزابنا السياسية، فلا يوجد لدينا حزب واحد يهتم بالمبدع ويتصدى لعرض قضاياه أمام الرأى العام!
فى بلد مثل بلدنا.. لابد أن تتدخل الحكومة لحماية الإبداع وإنصاف المبدعين من خلال اتخاذ قرارات حازمة تعزز هذه الحماية، وليت توصيات مؤتمر أخبار اليوم تجد طريقها للتنفيذ.
أذكر أن الراحل الكبير رجاء النقاش كان يقول لى: (مصر دولة قاسية على المبدعين)، فهل آن الأوان ليشعر المبدع برحمة الدولة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة