منذ سنوات بعيدة يجرى الحديث عن الحكومة الذكية، التى تستخدم التكنولوجيا ولا يحتاج المواطن إلى ركوب الصعب والوقوف فى الطوابير لعدة ساعات من أجل استخراج شهادة أو بطاقة أو رخصة. وأن تتوسع الدولة فى استخدام الكاميرات فى الشوارع وتقلل من حجم البشر. لتوفر جهدهم.
الحديث عن الحكومة الذكية بدأ مع تولى الدكتور أحمد نظيف وزارة الاتصالات، ويومها ساهم الرجل بالفعل فى توصيل الإنترنت والتوسع فى الاتصالات، وأعلنوا عن الاتجاه لتحويل الخدمات الحكومية إلى إلكترونية بما يوفر الوقت والجهد ويقلل الفساد والزحام. لكن تم تطبيق الأمر فى بعض الخدمات مثل شهادات الميلاد أو الرقم القومى، لكن ظلت باقى الخدمات المزمنة فى حال غير ذكى، ومنها تراخيص الشركات أو السجلات أو تراخيص القيادة والسيارات، والمرور الذى كان ولا يزال يمثل نوعا من التعذيب للمواطن الذى عليه إذا لم يدفع أو يكون له واسطة أن يلقى العذاب الأليم فى المرور حتى يظهر له أصحاب.
ثم أن الوزارات والهيئات الرسمية ليس لها مواقع محترمة، والمواقع الإلكترونية للخدمات أغلبها لا تعمل أو معقدة وتصميمها كئيب ولا تفيد المواطن الذى يجد نفسه فى متاهة، ويديرها غير أصحاب الخبرة، بينما البلد مليئة بالشباب المؤهل القادر على إدارة هذه المواقع والخدمات. ومنذ عهود يجرى الحديث عن إلغاء الروتين والأختام والأوراق التى تفتح باب التزوير والتزييف وتهدر على الدولة مليارات. وبالتالى فإن مواجهة الفساد تتم بالرقابة وأيضا بتقليل الاحتكاك بين المواطن والحكومة.
وبصراحة وبلا لف أو دوران، فإن من يعرقلون تحويل الحكومة العادية إلى إلكترونية هم من يتربحون من الخدمات، أو من يتصورون أن الحكومة الذكية تجعلهم عاطلين. والحقيقة أن الخدمات الذكية تقلل من الاحتكاك المباشر بين المواطن والموظف، وتوفر المال والوقت بما يعود على الاقتصاد بالفائدة. بل ويساهم فى رفع رواتب الموظفين ويجعل المال الذى يذهب للرشاوى فى خزائن الدولة.
لقد سبقتنا إلى الحكومة الذكية دول العالم وحققت دول عربية خطوات هائلة فى تقديم الخدمات وضبط الأمن والمرور بينما بقينا محلك سر. ولا نعرف من يقف ضد هذا ويمنع توظيف التكنولوجيا، غير هؤلاء الذين يريدون استمرار الغباء وتعذيب المواطن حتى يبقوا قادرين على التربح.
ومهما كان الحديث عن نقل العاصمة أو نقل المصالح والهيئات الحكومية إلى خارج القاهرة، فإن هذا ينجح بنشر الحكومة الذكية وتوظيف التكنولوجيا، وهو أمر يقلل الفساد ويوفر الجهد والمال ويريح المواطن من الفساد والغباء المستحكم.