أحمد محمد صلاح يكتب: يوم فى حياة مواطن

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014 10:16 ص
أحمد محمد صلاح يكتب: يوم فى حياة مواطن أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جميعنا يعلم أن أحلى لحظات النوم هى التى تلحق رنة منبه الصباح، فبعد أن تفتح عينيك وتغلق هذا المنبه اللعين حتى تجد حالة غرام بينك وبين الوسادة وحالة دفء رائعة فى الفراش وتنهمر على ذهنك أحلام وذكريات لذيذة، بل يأتى الشيطان اللعين ليجلس بجوارك على حافة الفراش ويقول: خليك ماتروحش الشغل اشتغل من البيت هيحصل إيه يعنى لسه عندك إجازات، تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتقوم تفرك عينيك وأنت تودع الوسادة وكأنها عزيز عليك ستتركة وتسافر، ثم تبدأ فى طقوسك الصباحية فى إعداد الإفطار وفنجان القهوة وارتداء ملابسك والاطمئنان على حقيبة العمل وتصفف شعرك وتضع عطرك وتمضى.

لقد تأخرت فقط خمس دقائق والشيطان بجوارك والأحلام اللذيذه تداعبك، إذا ستذهب من فورك إلى المترو، وتصعد السلالم وأنت تنظر فى ساعتك وتجد من يسير أمامك فى بطء، تحاول تخطيه فتجده ينظر فى هاتفه المحمول غير مكترث أنها ساعة ذهاب الموظفين للعمل وبحركته البطيئة يؤخر الناس، ثم تقف فى طابور المترو لتجد حالة تسابق لقطع التذكرة وأحدهم يقف ومعه مائة جنيه ولا يجد فكة فى الشباك ويعطل الطابور بأكمله، تقطع تذكرتك بعد جهد، وتقف على الرصيف، وبمجرد فتح الباب تجد اندفاعات عشوائية من الجميع وأكتاف تدفعك وأيدى تضربك رغبة فى اللحاق بمقعد، حتى مقاعد كبار السن يجلس عليها الشباب غير عابئين بالكبار الذين دخلوا المترو بعد هدوء الازدحام ولم يجدوا سوى فراغات صغيرة للوقوف، وشباب صغير وضع سماعات فى أذنيه غير عابئ بوقفة الكهول بهذا الشكل، تقف أو تجلس متأففا فرائحة العرق تفوح من البعض، وعطرك لا يقاوم هذا العرق الصباحى وأنت قد وقفت تحت الدش صباحا تدعك ثنايا جسدك من عرق النوم وتتعطر حتى تصل عملك جميل الرائحة، ولكن كوكتيل العرق يتسرب إليك مع الازدحام المختنق فتضطر إلى حمل عطر فى حقيبتك، تهبط من المترو فى محطتك بقوة الدفع، وتصعد إلى الشارع المختنق فى الصباح بسيارات من كل الأنواع، تحاول ركوب تاكسى فيقف لك فى منتصف الطريق تماما، تكاد تصدمه سيدة تقود سيارة فارهة، تلقى بعض الشتائم من خلف الزجاج، تفهمها من حركات يديها وشفتيها ووجها المتصلب بالغضب، تركب التاكسى والرجل يدخن بجوارك غير عابئ بالكحة الخفيفة التى تصيح بها كل دقيقة، يسير يمينا ويسارا ويقف فجاءة ثم يتحرك محاولا كسب بضع ثوان على حساب من يقود بجواره وكأنه فى سباق عبيط، وللأسف تصل إلى عملك متأخرا خمس دقائق.

فى العمل تجد الجميع له طقوس صباحية، كوب الشاى مع كيس به بضع سندوتشات، ثم ثرثرة لبضع دقائق ثم عمل لبضع ثوان ثم ثرثرة أثناء طحن الطعام وعزومة مراكبية الطابع، ثم يفر زميل إلى الحمام ولا يعود، وآخر يثبت حضور ثم يذهب إلى القهوة على ناصية العمل ليدخن حجرين وفنجان قهوة من البن المخصوص- الكيف بيذل برضه- وزميلة تطالع كتالوج أزياء وأخرى تحادث خطيبها فى هاتف العمل، وساعى يبتز الموظفين فى حساب الشاى والقهوة، وآخر يفتح الفيس بوك، ثم يأتى دور العمل، ولكن يؤذن لصلاة الظهر، فيترك الجميع ما بيده ويذهبون للصلاة، هذا يتوضأ ويشغل الحمام وهذه تطلب من الجميع مغادرة المكتب لتصلى، وتظل تصلى حتى قرب صلاة العصر، ثم يعود الجميع إلى مكاتبهم، ويشعرون بالجوع فيطلبون الشاى مرة أخرى وتفتح أكياس السندوتشات وتبدأ الثرثرة من جديد ونفس مواضيع الصباح وربما بالأمس، وتشعر زميلتنا المخطوبة فقد خطيبها فتكلمه بقية اليوم على الهاتف، وقبل ميعاد الانصراف تأتى بشارة الساعى أن الصراف قد جاء بإضافى المرتب، وتطلب بضع زميلات غاضبات كتابة مذكرة أو شكوى لأنه تم خصم بضع جنيهات منهن بدون سبب فهن يأتين إلى العمل ماذا يريدون وماذا فعلن ليخصمن منهن.

تشعر بالاستياء وأنت تؤدى العمل المطلوب منك وتجتهد فيه، وصديقنا على الفيس بوك يضع بوستات دينية ويذكر بالصلاة وفى نفس الوقت لا يعمل ولا يريد أن يعمل، ينتهى يوم العمل وينصرف كل الموظفين دون أن ينجزوا شيئا تماما، وفى طريق العودة تجد بائع جائل يحتل نصف الرصيف، وماسورة منفجرة أمام عمارة وصاحبها لا يريد إصلاحها إلا بعد أن يجتمع بالسكان والوحل يحيط بمسكنك، وآخر سرق تيارا كهربائيا من أحد العمارات، وسيدة تلقى بكيس قمامة من توتوك وهو يسير فيصيبك فى مقتل، وأخرى فتحت "المذراب" من شرفتها ليصب فى الشارع على رؤوس المارة، وميكروباس يشغل أغانى مهرجانات، وآخر يسب الدين، وطفل يجرى حافيا، ومجموعة أطفال يخرجون سريعا من مركز دروس خصوصية.

بمنتهى الإجهاد تصل إلى بيتك لتزيح أدران النوم ولا تجد الشيطان ليوسوس لك بالنوم فتضطر إلى الجلوس على مقعدك المريح أمام التلفزيون فتشاهد الفضائيات، فتكره كل شىء وتسخط على كل شىء وفى النهاية تجد شخصا يسأل وهو يرتدى حلة كاملة فى استديو مكيف ما السبيل إلى عبور الأزمة التى تمر بها البلاد؟.

ياريت يكون كلامى مفهوم ولو مش مفهوم اقرأ من الأول وقوم الشيطان من جنبك.. أجيبلك من الآخر الأزمة فى وفيك مش فى النظام.











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

Pelly Sapry

الملخص

عدد الردود 0

بواسطة:

سحر الصيدلي

رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

صلاح السنديوني

برافو

عدد الردود 0

بواسطة:

صلاح السنديوني

برافو

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة