على ذكر السادة المحفلطين المزفلطين فى عالم السياسة والفضائيات ومواقع التواصل، ممن يغرقون الواقع والفضاء، ويقدمون أعمق النظريات وأوسع الافتكاسات، وحلولا لكل المشكلات، ويعجزون فى الوقت نفسه عن إقناع الناس بأهمية وجودهم، طوال أربع سنوات عجزوا عن تقديم نموذج واحد لتنظيم أو حزب أو كيان ناجح، وما زالوا يواصلون فشلهم بنجاح منقطع «الجماهير». لدينا ما يقارب الـ100 حزب، تعجز عن استقطاب مليون مواطن، وكل ما تملكه هو الشكوى وإبداء المخاوف من عودة فلول الحزب الوطنى، أو الإخوان من دون أن تقدم نفسها كبديل أو تسعى لمواجهة الواقع بأكثر من المخاوف.
فى شهر ديسمبر كانت الذكرى العاشرة لقيام الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية»، التى قامت من أجل مواجهة التوريث والتمديد، وكانت أكبر حركة احتجاجية كسرت حواجز الخوف من التظاهر، واستقطبت تيارات مختلفة من اليسار واليمين. المفارقة أنه بعد ثورة يناير اختفت الحركة وبقيت مجرد ذكرى، لم يتوقف أحد ممن احتفلوا بها لبحث الإجابة عن سؤال: لماذا تنجح الحركات وتفشل الأحزاب؟
ما ينطبق على كفاية ينطبق على باقى الحركات والائتلافات والجبهات التى تكونت طوال أربع سنوات وعجزت عن تقديم تصور للمستقبل. غرقت فى خلافاتها وكانت سببا فى تشتت الجهود وارتباك المرحلة الانتقالية.
وإذا نظرنا أو استمعنا لأى من قيادات هذه الأحزاب أو الحركات على شاشة التوك شو أو مواقع التواصل نجده يقدم تصورا وتحليلا وتفصيصا لكل قضية، وهو نفسه فى الشارع غير موجود.
والسؤال المطروح قبل ثورة يناير ومازال بعد أربع سنوات: كيف نشطت حركات التغيير حالة الاحتجاج الاجتماعى والعمالى، بينما عجزت حركات وأحزاب عن تطوير نفسها؟.فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك، كانت هناك عشرات الاحتجاجات والمسيرات اليومية تضم عمالا وفلاحين وذوى احتياجات خاصة ومعلمين وأطباء وموظفين، تأثروا بحركات التغيير مثل «كفاية»، كان الرهان أن هؤلاء المحتجين يمكن أن يشكلوا الأحزاب والتنظيمات، لكنهم اختفوا وتفرقوا ولم يجدوا كيانا ينظمهم ليمارسوا السياسة ويصعدوا إلى المؤسسات التشريعية والمحلية.. وجدوا أنفسهم أمام أحزاب وائتلافات تبيع بضاعة واحدة، هى الكلام، دون قدرة على العمل ضمن فريق، فقط رغبة فى الظهور واقتناص الكاميرات، ولهذا ظلت الأحزاب متناقضة تأكلها الخلافات، كان هذا مع الأحزاب القديمة، واستمر مع الأحزاب التى ماتزال تعلن خوفها من الخروج للشارع وتعجز عن تقديم قوائم انتخابية أو مرشحين، وتكتفى بإبداء الخوف من الفلول والإخوان والهواء والماء والسياسة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة