أيام قليلة تفصلنا عن عام 2015 الذى قد يكون مفصليًا بالنسبة للكثير من الأمور السياسية، والقضايا الاجتماعية، وهو ما سينعكس بالضرورة على المشهد السينمائى الذى لا يزال أكثر ضبابية من ذى قبل، فى ظل سياسات متخبطة من حكومة تدعى طوال الوقت اهتمامها بالفن، ويعبر مسؤولوها عن تقديرهم للفن، ويؤكدون فى كل التصريحات الإعلامية على ضرورة دعم السينما.
وبنظرة متأنية للأرقام التى أعلنتها الحكومة، بدءًا من كلام وزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز، عن منح السينمائيين دعمًا لإنتاج أعمال فنية متميزة يصل إلى 45 مليون جنيه، عندما التقى الوزير بالعديد من الفنانين، والعاملين فى مجال السينما، والذين حرصوا بكل تأكيد على التقاط الصور التذكارية مع معالى الوزير، وخرج بعضهم يتشدق أمام الكاميرات بوعى الوزير، وجاهزية وزارته لدعم السينما، سنجد أن عام 2014 قد انقضى ولم نسمع عن جنيه واحد خرج لدعم أحد الأفلام التى تصور، أو التحضير لعمل جديد، أو على الأقل التعريف بالآلية التى ستمنح بها الوزارة هذا المبلغ للسينمائيين.
الحال نفسه بالنسبة للمؤتمر الضخم الذى نظمته مؤسسة أخبار اليوم، وحضره رئيس الوزراء ولفيف من وزراء حكومته، واحتضنت قاعة الماسة هذا الجمع مع عدد غفير من نجوم مصر فى السينما والموسيقى والمسرح، وجلسوا جميعًا على الموائد أمام المسؤولين يتبادلون القفشات والضحكات ويلتقطون «السلفى»، وبالمرة يناقشون مشاكل الصناعات والتى تمتلئ مجلدات بها داخل أدراج الكثير من الحكومات المتعاقبة، ولم يتحدث أحد عن شىء حقيقى وفعلى لإنقاذ تلك الصناعات التى تموت فعليًا، وكان الأهم أيضًا فى هذا الجمع هو التقاط الصور التذكارية.
ويبدو أن لا الحكومة تملك قناعة حقيقية بأهمية الفن، ولا الفنانين يرغبون فى صياغة وتأسيس قوانين جديدة لتلك الصناعات للنهوض بها من جديد، والمفارقة أنه فى الوقت الذى لا تفعل فيه حكومة محلب شيئًا سوى الكلام، والفنانون غير التصفيق، هناك دور عرض سينمائى مطروحة للبيع، ومنها سينما «سراج مول» بمدينة نصر، التى يسعى صاحبها لبيعها، وحدد مبلغًا ماليًا كبيرًا لمن يرغب فى شراء السينما التى تحتوى على 8 قاعات لعرض الأفلام، رغم مكانها المميز بمدينة نصر وإقبال جمهور العائلات عليها.
وأيضا سينما «فاتن حمامة» التى تقع بمنيل الروضة، والتى طرحها أصحابها للبيع خلال الفترة الحالية، خصوصًا بعد انتهاء فترة تعاقد الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائى على استئجارها، كما أن المنتجة إسعاد يونس تفكر جديًا فى بيع مجمع «رينسانس السينمائى» بأسيوط، بدعوى أنه لا يحقق أرباحًا تذكر، والحال نفسه بالنسبة لمجمع محافظة الإسماعيلية والتى تملكه إسعاد أيضًا.
حكومة تتشدق بدعمها للفن وتؤكد على دوره فى محاربة الإرهاب، وتترك أصحاب السينمات يعرضونها للبيع، نظرًا لما تسجله من خسارات متتالية، خصوصًا بعد تدهور الأوضاع فى السنوات الـ4 العجاف الماضية، وللأسف فإن عدد الشاشات الموجودة فى مصر يتراجع عامًا بعد الآخر، فالدولة التى يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة لا تملك سوى 150 شاشة عرض فقط، وفى طريقها لأن تقل أكثر وأكثر، فى حين أن دولة مثل الإمارات العربية باتت تملك 250 شاشة عرض، والأمر لا يتعلق بالشاشات فقط بل أيضا معامل السينما والتى تمرح فيها الفئران؟
لذلك لا أعرف عن أى دعم تتحدث الحكومة ولا لماذا يصمت السينمائيون؟!