فى مصر الآن حالة كتابة عظيمة وغزيرة، فى الشعر والرواية والقصة، السلطة التى تتحدث كثيرا عن الشباب فى التليفزيون لا تقرأ الأدب، وبالتالى تصنع مناخا معاديا له، بورخيس الكاتب الأرجنتينى الكبير كان ينزعج كثيرًا كلما سُئل «ما هى فائدة الأدب؟». كان يبدو له هذا السؤال غبيًا، لدرجة أنه يود أن يجاوب بأنه «لا أحد يسأل عن فائدة تغريد الكنارى، أو منظر غروب شمس جميل»، إذا وُجد الجمال، وإذا استطاع هؤلاء ولو للحظة أن يجعلوا هذا العالم أقل قبحًا وحزنًا، أليس من السخف أن نبحث عن مبرر عملى؟ لكن السؤال جيد بالفعل، لأن الروايات والأشعار لا تشبه بأى حال تغريد الكنارى أو منظر الغروب، هى لم توجد عن طريق الطبيعة أو المصادفة، هى إبداعات بشرية، ولذلك فمن اللائق أن نسأل كيف ولماذا أتت إلى العالم، ما فائدتها ولماذا بقت كل هذه المدة؟
تأتى الأعمال الأدبية كما يقول باراجاس يوسا، الحائز على نوبل، فى البداية كأشباح بلا شكل أثناء لحظة حميمية فى وعى الكاتب، ويسقط العمل فى تلك اللحظة بقوة مشتركة بين كل من وعى الكاتب، وإحساسه بالعالم من حوله، ومشاعره فى ذات الوقت، وهى ذاتها تلك الأمور التى يتعامل معها الشاعر أو السارد فى صراعه مع الكلمات لينتج بشكل تدريجى شكل النص، إيقاعه، حركته، حياته. حياة مصطنعة، وللتأكيد، هى حياة مُتخَيلة، صنعت من اللغة، لا ينشأ الأدب من خلال عمل فردٍ واحد، بل يوجد حينما يتبناه الآخرون ويصبح جزءًا من الحياة الاجتماعية، وبفضل القراءة، يتحول إلى تجربة مشتركة، تدفع المجتمع إلى الحوار.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة