أيام قليلة ويحتفل العالم الإسلامى بميلاد سيد الخلق محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، ومع الميلاد النبوى نتذكر نفحات من هدى الرسول الكريم، ولقد اخترت 6 مشاهد تعكس كيف نجح الرسول الكريم فى نشر رسالته، وكيف تعامل مع كل المواقف الصعبه التى مر بها، صلى الله عليه وسلم:
أولاً: حب الوطن
كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يحب مكة حبَّا كبيرًا، فهى بلده الذى ولد فيه، وفيها بيت الله الحرام، وعلى أرضها نزل الوحى لأول مرة، ولما اشتد إيذاء المشركين للرسول، صلى الله عليه وسلم، وصحابته فى مكة، أمره الله- تعالى- بالهجرة إلى المدينة، فلما خرج، صلى الله عليه وسلم، من مكة نظر إليها نظرة المحب الوفى، وأخذ يودِّعها، وهو يقول: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أُخرجت منك ما خرجت» وبعد ثمانى سنوات، كتب الله لنبيه، صلى الله عليه وسلم، أن يعود إلى مكة فاتحًا ومنتصرًا، بعد أن اضطر إلى الخروج منها، فدخلها النبى، صلى الله عليه وسلم، فرحًا مسرورًا، وعفا عن أهلها برغم ما فعلوه معه، وهكذا يكون الوفاء للوطن، والمسلم يكون محبًّا لوطنه، حريصًا على مصلحته، وفيًّا له.
ثانيا: الأوفياء
كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يعرض دعوته على القبائل القادمة إلى مكة لزيارة البيت الحرام، فى مواسم الحج، وفى أحد المواسم أقبلت جماعة من المدينة، فقابلهم النبى، صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الإسلام، فشرح الله صدورهم للإيمان،
فقال لهم، صلى الله عليه وسلم: ألا تبايعون رسول الله؟
فقالوا: علام نبايعك؟ فقال لهم: على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، ولا تسألوا الناس شيئًا.. فبايعوا النبى، صلى الله عليه وسلم، وعاهدوه على ذلك، وصدقوا فى بيعتهم، ووفوا بعهدهم، حتى إن بعضهم كان إذا سقط منه سوطه، لا يسأل أحدًا أن يناوله إيَّاه، وذلك وفاء لعهدهم مع الرسول، صلى الله عليه وسلم، ألا يسألوا أحدًا شيئًا.
ثالثا: الزوجة الوفية
فى غزوة بدر، أسر المسلمون عددًا كبيرًا من المشركين، وكان من بين هؤلاء الأسرى أبوالعاص بن الربيع، زوج السيدة زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكان الإسلام قد فرق بين زينب، رضى الله عنها، وزوجها، لأنه مشرك، فلما وقع فى الأسر، خلعت عِقْدها الذى أهدته إليها أمها السيدة خديجة، رضى الله عنها، عند زواجها، وأرسلته إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، لتفتدى به أبا العاص وفاء له، فلما رأى النبى، صلى الله عليه وسلم، العقد عرفه، وأحس بوفاء ابنته لزوجها، فاستشار أصحابه فى أن يطلق سراح أبى العاص، واستأذنهم فى إعادة العِقْد إلى زينب، رضى الله عنها، فوافق الصحابة، فأطلق الرسول، صلى الله عليه وسلم، سراحه، فلما عاد أبوالعاص إلى مكة أعلن إسلامه، ثم ذهب إلى المدينة، فأعاد إليه الرسول، صلى الله عليه وسلم، زوجته الوفية زينب، رضى الله عنها.
رابعا: وفاء وإيثار
فى أحد الأيام، اشتد الجوع على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبى بكر وعمر، رضى الله عنهما، فانطلقوا إلى بيت أبى الهيثم بن التيهان الأنصارى، رضى الله عنه، وكان رجلا غنيَّا، فأطعمهم طعامًا شهيًّا، فوعده النبى، صلى الله عليه وسلم، أن يعطيه خادمًا عندما تأتى الغنائم والسبى «الأسرى من الرجال والنساء».
ومرت الأيام، وجاء ثلاثة من الأسرى للرسول، صلى الله عليه وسلم، فأعطى اثنين منهم للمسلمين، فاتخذوهما كخادمين، وبقى واحد فجاءت فاطمة بنت النبى، صلى الله عليه وسلم، تطلب خادمًا لكى يساعدها، ويخفف عنها متاعب العمل، فرفض، صلى الله عليه وسلم، أن يمنحه لها، لأنه وعد به أبا الهيثم، رضى الله عنه، من قبل، وقال: «كيف بموعدى لأبى الهيثم؟»، وآثره بالخادم على ابنته، لأنه، صلى الله عليه وسلم، كان حريصًا على الوفاء بعهده ووعده.
خامسا: وفاء عند الموت
يحكى أن رجلا قابل عبدالله بن عمرو، رضى الله عنهما، وطلب منه أن يزوجه ابنته، فرد عليه عبدالله، رضى الله عنه، قائلا: إن شاء الله، وهو بذلك لم يوافق، ولم يرفض.
وبعد فترة، حدث أن رقد عبدُالله، رضى الله عنه، على فراش الموت، فقال لمن حوله: انظروا فلانًا، فإنى قد قلت له فى ابنتى قولا يشبه الوعد «أى: لم أصارحه بالموافقة أو الرفض» فما أحب أن ألقى الله بثلث النفاق، فأشهدكم أنى قد زوجته ابنتى يقصد أن إخلاف الوعد من صفات المنافقين، فقد قال، صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كَذَب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤْتُمِن خان».
سادسًا: وفاء مع المشركين
فى العام السادس الهجرى، عقد المشركون مع المسلمين صلح الحديبية، وكان من شروط الصلح أنه إذا أسلم أحد من المشركين، وذهب إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، رده إلى قومه، وبعد عقد الصلح مباشرة، جاء أبوجندل بن سهيل بن عمرو، رضى الله عنه، وأعلن إسلامه، فلما رآه أبوه قام إليه وعنفه، ثم طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد أبا جندل، تنفيذًا لشروط الصلح فوافق، صلى الله عليه وسلم، فقال أبوجندل، رضى الله عنه: يا معشر المسلمين، أأُرد إلى المشركين يفتنونى عن دينى؟
فأخبره، صلى الله عليه وسلم، بالعهد الذى أخذه على نفسه، وأنه يجب عليه الوفاء به، فقال: «يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، وإننا قد عقدنا بيننا وبين القوم صُلْحًا».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة