قرأت كتبا كثيرة عن الأستاذ نجيب محفوظ رحمة الله عليه، تناولت حياته وأعماله، وأضاءت مسيرته، وربما كان كتاب رجاء النقاش معه هو الأقرب إلى قلبى وإلى السيرة التى لم يكتبها صاحب الحرافيش، التى أطل عليها فى عمله الفذ «أصداء السيرة الذاتية» الذى مزج بين الشعر والتصوف والفلسفة، و يعد نحتا فى الزمن والكتابة معا، ولكنى قرأت ضمن كتاب «عشرة أدباء يتحدثون» الذى صدر مؤخرا فى مكتبة الأسرة، حوارين أجراهما فؤاد دوارة مع الأستاذ، الأول كان محفوظ فى الخمسين، والثانى فى الرابعة والستين (1975)، لم أجد لهما مثيلا فى معظم ما قرأت، فؤاد دوارة ناقد ومترجم ومسرحى، وينتمى إلى حراس الثقافة المصرية العظام، وهو الذى أشرف منذ منتصف الثمانينيات وفى سنوات عمره الأخيرة على إصدار أعمال يحيى حقى الكاملة.
المصدر فى الحوارين ليس وحده الذى جذبنى، ولكن المحاور الذى يبحث فى أعماق الذى أمامه، متسلحا بمعرفة وثقافة وأدب وتواضع، هذا النوع من المحاورين اختفوا من الصحف التى تبحث عن المعارك فقط، ستتعرف على نجيب محفوظ كما يريد منك أن تعرفه، سأله دوارة سنة 1961،«هل تعتبر نفسك ناجحا وإلى أى حد؟»، أجابه:« نعم، تحقق ما أريده لنفسى فى حياتى الأدبية، ولكن على طريقة ذلك الرجل الذى تزوج لينجب أولادا، وكان يتصور أن هؤلاء الأولاد لن يكونوا أقل من زعماء كبار أو عباقرة أفذاذ، وحينما تزوج وأنجب أولادا سعد بهم وفرح رغم أن أحدهم أصبح كاتبا من الدرجة الثامنة، والثانى لم يتم تعليمه، والثالث طبيبا فى الأرياف وهكذا».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة