بدأت أمس الكتابة عن الموسيقار عمار الشريعى فى ذكراه الثانية وجانب من ذكرياتى معه، وأستكمل.
حدثنى عمار عن أمنيته وهو صغير أن يكون مهندس كهرباء، كان ذلك نوعا من التحدى العظيم لفقدان بصره، مارس هوايته فى فك الراديو قطعة قطعة وإعادة تركيبه، كان ذلك نوعا من مداعبة التكنولوجيا بمقياس عصر طفولته، استطاع أن يطوعها: «أصبحت أمارس هذه الهواية وأنا طفل، والقصة مبقتش بحثى عن شادية زى ما قلت لوالدى لما ضبطنى وأنا مطلع مصارين الراديو قدامى، الحكاية بقت عندى إن مفيش فرق بينى وبين المفتحين، يعنى إيه واحد منهم يكون مهندس كهرباء، وأنا لأ؟ تقدر تقول إنها بذرة التحدى التى ولدت بداخلى منذ أن وضعت يدى على حقيقة حالتى».
يواصل «عمار»: «مرة وأنا طفل كنت على الشاطئ فى إسكندرية، قاعد على الرمل، الأطفال بتجرى وبتلعب، وأنا لا بلعب ولا بجرى»، مرت سيدة، قالت: «يا عينى عليك يا ابنى، يا قلب أمك»، سمعتها، الكلام رن فى ودنى، نزل على زى الزلزال، اشمعنى أنا، هى ليه العيال دى كلها عمالة تجرى وتروح، بكيت، قلت لنفسى: «خلاص هى حياتك كلها هتبقى كده يا عمار، كل ما يشوفك حد يولول زى الست دى»، وهنا جاء دور الوالد، خدنى فى حضنه، طبطب على، قال لى: «طيب ما تثبت للست دى وغيرها إنك متفوق وأحسن من المفتحين، كده هتخليهم يجروا وراك، الإنسان بشخصيته وإنجازه»، تقدر تقول، «إن قصتى بدأت من هنا».
سألته: «ممكن أقول لك حاجة؟»، داعبنى: «حاجة واحدة؟، هأ، هأ، هأ «ضحكنا»: «أنت فيك أرستقراطية وبساطة وصياعة، أنت حكاية»، كان يرتدى جلبابا نصف كم، ضرب بكف يده اليسرى على ركبته علامة على الانشراح: «حلوة، ملعوبة، شكلنا هنقعد مع بعض كتير»، هكذا عبر عمار عن انبساطه: «شوف يا سيدى، تقدر تقول إن أنا عشت على ركبتى المجتمع المصرى، الركبة الفقيرة، والركبة الغنية، الاثنين دلعونى، الركبة الغنية هى عائلتى، فأنا من عائلة تقدر تقول عليها (إقطاعية) من الصعيد، لكن بالمعنى الجيد للإقطاع، فلم أر واحدا فيها يضرب فلاحا بكرباج مثلا، أنا شفت أمى تعرف ستات البلد كلهن، تعرف كل أخبارهن، ليس من باب النميمة وعجن الستات، ولكن من باب الاهتمام بأحوالهن ومعرفة ظروفهن الاجتماعية».
يواصل «عمار» تدفقه: أبويا قصة كبيرة، أنا شفته بيجيب أثواب القماش ويوزعها على الناس بانتظام، كان بيعمل كده من باب مسؤوليته عنهم، وليس من باب المباهاة، هو فى الأصل لم يكن يحتاج إلى فشخرة أوى كلام من النوعية دى، أبويا كان تركيبته صلبة جدا أثرت فى تكوينى شخصيتى ونظرتى إلى الحياة، كان يحب جمال عبدالناصر جدا، هو تعلم فى جامعة السوربون بفرنسا ثلاث سنوات، واضطر إلى العودة لمصر لوفاة والده «جدى»، يمكن عشان كده اتزرع فيه بذرة الفكر التقدمى جدا، وجزء كبير من هذا الفكر انتقل إلينا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن من عصر الظلام
عودة سيد القمنى مشككا فى اللوح المحفوظ ؟
هذا هو عصر الظلام فأوقدوا الشموع أوقدوا الشموع ..
عدد الردود 0
بواسطة:
آخر كلمات سبارتاكوس
المسلمانى يدعو أن تكون الفترة الرئاسية 7 سنوات
عدد الردود 0
بواسطة:
سؤال
لماذا لم ينتقد أحدون من الناصريون قذف إسرائيل لسوريا أول أمس ؟