نهى محمود، كاتبة بطعم الحلم، تضعك فى قلب الحدوتة كأنك جزء منها.. هى حكايتك نوعا ما، حيث تنبت الحياة من حروفها التى تعيد صياغة ما بداخلك وتقدمك لنفسك من جديد أكثر جدة وبهجة واستطاعة.
تقول صاحبة "راكوشا" فى فترات الراحة بين الكتابة والكتب الجديدة، كثيرا ما أحب أن أعيد قراءة بعض الكتب التى لها محبة خاصة فى قلبى، وهى غالبا تضعنى فى حالة مزاجية جيدة، أو تصل بى لهدوء نفسى ما، أو تشحذ طاقتى للكتابة من جديد.
وتؤكد نهى محمود، هذه الأيام أعيد قراءة "امتداح الخالة" لـ"يوسا".. أنا أحب هذا الكاتب بشكل استثنائى، لقد مست روايته "شيطانات الطفلة الخبيثة" منطقة فى روحى لا يمكن أن يزول أثرها، وأذكر أنه يوم أخذ جائزة نوبل تلقيت الخبر وأنا عائدة من رحلة فى صعيد مصر، كنت بالقطار وأخبرنى صديق على الهاتف بالخبر قالها هكذا "يوسا حبيبك أخذ نوبل" المأزق الذى وضعنى فيه الخبر وقتها، هو أنى تمالكت نفسى بصعوبة حتى لا أغادر الكرسى فى القطار المتحرك وأتمايل بطفولة فى الممر وأنا أهتف بأن "يوسا" حصل على نوبل، أتخيل موقفى وقتها لو انتصرت رغبتى فى الفرح والاحتفال بكاتب أكن له الكثير من الحب والتقدير، على قدرتى على ضبط النفس والوقار الذى يلزم للتعامل مع العالم.
وأكدت صاحبة "هلاوس" ما يجعل رواية "امتداح الخالة" رواية طازجة قابلة لتكرار القراءة، هو احتفاءها باللذة، وبراءة وسهولة الحصول على الدهشة وسط سطورها.
وأكدت، عندما تكون قريبا من مطبخ الكتابة ستعرف الكتب التى ألفها الكاتب بالكثير من العناء والجدية، وتلك الكتب التى جاءت نتاج لشغف خاص، ورغبة ملحة فى اكتشاف عالم أو موضوع الكتابة، وأظن أن هذه هى الحالة التى كتب بها يوسا هذه الرواية، ليست القصة فقط حكاية دونيا لوكريثيا التى يغويها الصغير ألفونسو، ولا هى قصة غرام دون ريغوبيرتو بها.. لكنها قصة عن الشغف، ما الذى يدفع كاتب أن يقدم على فصل كامل تفاصيل دون ريغوبيرتو وهو يتحمم، تفاصيل لتنضيف الأذن وحوض الماء الساخن، تفاصيل جسد دونيا لوكريثيا.. تفاصيل اللوحات، والقصة التاريخية التبادلية فى العمل "قصة ملك ليديا".
وتضيف نهى، لسنوات أسرتنى لعبة الكتابة فى هذه الرواية، والتى يبدو أنها لم تستنزف طاقة يوسا فى اللعب وأكلمها بـ"دفاتر دون ريغوبيرتو"، وما ورطنى أكثر مع هذه الرواية، كانت رواية أخرى وقعت بين يدى بالصدفة وهى رواية "المفتاح" للكاتب اليابانى تانزياكى.
لن تجد صعوبة فى الربط فورا بين العملين، ستجد حين تبحث بدقة فيما بعد أن "يوسا" قال بأنه كتب "امتداح الخالة" تأثرا برواية المفتاح، ستثنى على ذكائك كقارئ لأنك عرفت ذلك قبل أن تقرأ ما قاله يوسا، وستربكك الرواية أكثر لو كنت تفكر أن كتابة عمل إيروتيكى مثل امتداح الخالة هو شرارة شغف داخلى بالكتابة عن الحالة، فحتما ستصل بك معلومة أن شرارة هذا الشغف انتقلت من تانزياكى الذى أغرم هو الآخر بالكتابة عن قدم امرأة عجوز هى زوجة الرجل العجوز فى روايته المفتاح لدرجة جعلت الرجل يضع لزوجته المخدر كل يوم ليتأمل قدمها على مهل لا تمنحه له فى العادى لأنها متحفظة بشأن طبيعة العلاقة فى الفراش.
سيحيلك ذلك كما أحالنى للورطة التى وضعنا فيه ماركيز عندما أعلن بطفولة وعبقرية عن أنه يحب الجميلات النائمات " لكاوباتا"، وأنه تمنى لو كان قد كتبها، قال ذلك لكن التصريح لم يفده فى تهدئه الشغف والغيرة من هذا النص فكتب رائعته "ذكرى عاهراتى الحزينات".
هل هى صدفة أن تكون روايتى "المفتاح" و"الجميلات النائمات" لكتّاب من اليابان، وتكون النسخ الأخرى منها، التى كتبت بجمال وموهبة لا تقل عن الأعمال الأصلية هى لاثنين من أعمدة الكتابة اللاتينية!
وهل هى صدفة أن تكون الكتب الأربعة عن الجسد والإيروتيك.. كل هذه الأسئلة تدور فى ذهنى كلما أعدت قراءة أى من أطراف هذه اللعبة والتجربة شديدة الجمال والخصوصية.
يقرأون الآن.. نهى محمود تدخل عالم "يوسا" وتعيد قراءة "امتداح الخالة".. وتؤكد: هذا الكاتب أحبه.. أحيانا يفقدنى وقارى فى مواجهة العالم.. الرواية تحتفى باللذة وحالتها تجسد الشغف
الثلاثاء، 09 ديسمبر 2014 06:35 م
الروائية نهى محمود وكتاب امتداح الخالة ليوسا
كتب أحمد إبراهيم الشريف
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة