الجيش حسم خياراته بعد يناير 2011، لم ينقلب على مبارك لينتزع السلطة، وكان هذا ممكنا وقتها، ويومها لم يكن أحد يلوم الجيش، فهل كان الجيش غير راغب فى السلطة بعد مبارك، أم غير قادر على انتزاعها؟. وهل يعنى هذا أن الجيش كان بعيداً عن السياسة أيام مبارك، أو إنه انخرط فقط بعد الثورة؟.
الجيش كان موجودا ومقدرا، وله وضعية واضحة، ومؤثرة حتى لو لم تكن ظاهرة، وربما كان تعطيل مشروع التوريث، كانت فى جزء منها من الجيش، مدعوماً ببيروقراطية مصرية عتيدة، كانت تمارس اعتراضاً صامتاً أحياناً، ومتحركاً بعض الأحيان. ولعل حركة كفاية، وانضمام عدد كبير من الأكاديميين والموظفين وغيرهم للمظاهرات، وظهور حركات فى الجامعات والنقابات، كلها كانت تشير لحراك سياسى، من شخصيات قضت أغلب عمرها بعيداً عن السياسة، ومهما كانت الانتقادات للأخطاء، هل دخل الجيش السياسة بعد يناير 2001؟ فقد كان تدخله، عاملاً مهماً فى منع وقوع حرب أهلية، أو انتزاع السلطة لصالح الجماعات الأكثر تسلحاً وتنظيماً. ارتكب المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخطاء، لكنه حافظ على الدولة، والأهم أن المجلس كان مراقباً وموجوداً فى السياسة، قبل يناير، وهو الدور الذى ظهر فقط بعد الثورة، التى كانت كاشفة، وليست منشئة لوضع الجيش.
الجيش رفض الانحياز لمبارك، وكان أحد رجاله، وهو ما قد يجيب عن أسئلة المستقبل، عن جيش يختار الدولة والشعب فى مواجهة أى حاكم، حتى لو كان منه، لأن خروج القيادة العسكرية من الجيش للسياسة، يخفض حصانتها العسكرية. لكن التعاون ربما يكون أكثر، فى ظل دستور يحدد السلطات، والفصل بينها بشكل واضح. ليصبح رضا الشعب هو الفاصل، وليس انتماء الرئيس للمؤسسة العسكرية.
وهناك نقطة مهمة، وهى أن دور الجيش بعد يناير توسع، لغياب أى منظومة سياسية أو حزبية، يمكنها طرح بدائل والتعامل مع الواقع، وليس البقاء فى مكان المعارضة، وبقدر ما تتسع التنظيمات السياسية العلنية، بقدر ما يتقلص دور المؤسسات الأمنية، وهى مهمة النظام القادم، الذى يفترض أن ينطلق من أهمية بناء حياة سياسية وحزبية حقيقية، يمكنها ملء فراغات لايمكن للجيش أو المؤسسات الأمنية ملؤها، لكونها فراغات سياسية. وهى أسئلة يفترض أن تجيب عنها الأحزاب والقوى السياسية، وليس القوات المسلحة. التى يفترض أن تعود لوضعها الحارس أكثر من الدور الحاكم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة