لم يتوسع دور الجيش فقط بعد ثورة يناير لكنه ظهر على السطح، وأصبح يدير، وهو وضع كان إجباريا لعدم وجود قوة سياسية على الأرض، ثم إن دور الجيش توسع، لغياب منظومة سياسية أو حزبية، يمكنها طرح بدائل والتعامل مع الواقع. وبقدر ما تتسع التنظيمات السياسية العلنية، يتقلص دور المؤسسات الأمنية
وهى مهمة النظام القادم، الذى يفترض أن ينطلق من أهمية بناء حياة سياسية وحزبية حقيقية، يمكنها ملء فراغات لا يمكن للجيش أو المؤسسات الأمنية ملؤها. والأهم أن هذه الفراغات معرضة لأن تحتلها أى قوة منظمة أو لديها إمكانيات، بينما الواقع يفرض ألا تنفرد أى قوة بالسياسة أو المجتمع.
الجيش رفض الانحياز لمبارك أو مرسى، وهو أمر يرد على فكرة أن الجيش رفض مرسى لكونه من خارج المؤسسة، فقد سبق أن رفض استمرار مبارك، الذى ينتمى للمؤسسة العسكرية. وأنقذ البلاد من محاولات البلقنة والتقسيم، مثل اليمن وليبيا وسوريا والسودان، وبالتالى فإن الحفاظ على الجيش بدوره الحارس أمر يفرض نفسه فى الفترة القادمة.
ربما قادت أخطاء مرسى والإخوان إلى الإسراع بصدام مع الشعب، فضلا عن استمرار محاولات الانفراد والسيطرة من دون إمكانات أو حسابات.
ويفترض النظر للوضع السياسى بما هو قائم، وليس بما نريده. حيث يصعب الادعاء بابتعاد تام للجيش عن السياسة، أو تجاهل دوره الحاسم فى الفترة الانتقالية، لكن المطلوب هو السعى للحفاظ على دوره الحارس من دون أن ينغمس فى السياسة
خاصة وأن أمامه تحديات خارجية وداخلية كثيرة، ولا بديل عن نظام ديمقراطى حقيقى يجدد مفاصل الدولة بما يناسب العصر ويوقف التدهور. ويعيد بناء الأجهزة الأمنية بشكل يحفظ قدرتها على الحسم ومواجهة الخروج على القانون، مع الحفاظ على حقوق الإنسان.
لكن السؤال المطروح هو أنه: لو جاء رئيس من الجيش مثل السيسى فهل يعنى هذا أن الجيش سيكون معه فى مواجهة الشعب؟. والرد على ذلك من سوابق السنوات الثلاث الماضية، حيث إن الرئيس القادم لو نجح فى بناء الدولة وفرض القانون ونظام اجتماعى يعيد توازنات العدالة ويضمن الحرية بما يرضى الشعب، فسوف يجد تعاونا من الجيش.
لكنه لو فشل أو دخل فى مواجهة مع الشعب، فسوف يعيد تجربة مبارك ومرسى، فقد كان مبارك من الجيش، وبالتالى ليس أمام الرئيس القادم إلا أن يسعى لإرضاء الشعب، وهو اختبار صعب وإن لم يكن مستحيلا.