علمونا قديما أن الجغرافيا ثابتة والتاريخ يتغير فصدقناهم. ولما شابت رؤوسنا عرفنا أن التاريخ ثابت والجغرافيا تتغير. فوطنى حبيبى الوطن الأكبر انكمش وتقلص. فأغلب دوله الكبيرة (انصخطت) إلى دويلات صغيرة وأغلب قبائله الصغيرة انضمت سرا للولايات المتحدة.
فأشطب على خرائطنا القديمة وانس حدودنا العتيقة وامسح السبورة وانتظر خريطة الشرق الأوسط الجديد. واطمئن فرسم الخرائط أصبح سهلا، عليك فقط أن تكون صاحب أصل مختلف أو دين مختلف أو لون مختلف لتحصل على وطن من بابه على ألا يزيد أى وطن على (حجرتين وصالة)، وعليك أن تتعارك مع أخوك القديم وجارك الإقليمى الجديد لأن الحمام مشترك وبلا مخارج للتهوية، لذلك فعبقرية المكان تحولت إلى (كام فدان) وأغنية الحلم العربى صارت (كان زمان).
وهكذا تتبدل الحدود وتتغير الجغرافيا بينما التاريخ ثابت لا يتحرك. نسقط من أمريكا فنحتضن روسيا، ونخسر روسيا فنجرى إلى الصين، وحينما نتوه ونحتار نستعين بالاتحاد الأوروبى كصديق. كل هذا ونحن على يقين من المؤامرة. فمنذ الحرب العالمية الأولى (1914/1918) وهناك خطة للتقسيم. ففتتوا الشام الكبرى والمغرب العربى وقسموا الجزيرة العربية، وبعد مائة عام تستمر موجات التفتيت والتفريق. فقديما استغلوا نتائج الحرب العالمية، والآن ركبوا الثورات العربية. وسواء كانوا أذكياء جدا أو أننا أغبياء جدا فالتاريخ لم يتغير، وقوتنا وثقلنا الدولى لم ينم أو يتطور. الشىء الوحيد حققناه على مدار تلك السنين هو (المولات والشوبنج). ولا أعرف كيف سيتم تقسيم هذه الثروات الإقليمية خاصة أن تفتيت اليمن اعتمد على مساحة كل (مول).
أقول كل ذلك لأن انهيار المنطقة يجب أن يدعونا للتماسك. ولا أقصد بالتماسك (الشعب والجيش والشرطة إيد واحدة) فقط بل أتمناه (الشعب والعلم والإنتاج إيد واحدة)، يجب أن نسعى لتحقيق نمو حقيقى لهذه الدولة على المستوى الاقتصادى والاجتماعى، وأن نضع مخططات جادة لمكافحة الفقر واستغلال الموارد البشرية فى البناء وزيادة موارد البلاد. وأن ننفذ تلك الخطط التنموية فى جدول زمنى دقيق، تلتزم به كل الهيئات والمسؤولين ويشعر بنتائجه الناس وتتحسن مظاهر معيشتهم. فالقوة الاقتصادية الآن هى المعيار الأول فى الحفاظ على الحدود ونحن ما زلنا نعيش على المعونات والقروض، ويا ليتنا نزرع بها أو نصنع بل نرميها كلها فى جحور الدعم وبلاعات الدولة العميقة. تلك رسالة مهمة ومصيرية لرئيس مصر القادم والذى أدعو الله أن يحرسها لنا للأبد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة