على قناة روسيا اليوم وعلى الموقع الإلكترونى الذى يحمل ذات الاسم كان هذا العنوان مطروحا بقوة «مصر تحت مظلة روسيا مجدداً»، وفى هذا السياق تم استدعاء المفكرين المصريين والروس لتحليل زيارة المشير عبدالفتاح السيسى إلى روسيا ومدى حاجة مصر إلى شريك قوى لتقف تحت مظلته فى مرحلتها التاريخية الجديدة.
لا أخفى عليك أننى قد شعرت بالكثير من الغيرة على مصر فور قراءتى لهذا العنوان، فلم تخرج مصر من تحت المظلة الأمريكية لتقف تحت مظلة روسية، ولو كان الأمر كله فى مسألة اختيار «مظلة» لكان اختيار المظلة الأمريكية أولى لأنها أقوى وأمتن وأفضل، لكن التوجه إلى روسيا- من وجهة نظرى- لم يكن من أجل استبدال مظلة بأخرى، وإنما كان من أجل خلع ثوب التبعية عن مصر والإعلاء من قيمة الاستقلال الوطنى على ما عاداها.
هنا لا أريد أن ألقى على «تورتة الزيارة» بعضا من التراب، لكنى فقط أريد أن أنبه صانعى القرار فى مصر إلى أهمية أن يكون التقارب مع روسيا «محسوباً»، ولا أبالغ إذ أقول إن روسيا تحتاج إلى مصر مثلما تحتاج مصر إلى روسيا إن لم تكن أكثر، فأولاً وأخيرا، وبمعيار السوق لا غير، تقف مصر أمام روسيا موقف «الزبون» وتنص أبجديات «البيع والشراء» على أن «الزبون دائما على حق» ولهذا يجب علينا أن نكفف قليلا من هذا الانجراف العاطفى تجاه روسيا، وأن تكون بوصلتنا فى هذا الأمر هى الاستقلال الوطنى والمصلحة المشتركة.
لا أبالغ أيضاً إذ أقول إن توجه مصر إلى روسيا فى تلك المرحلة التاريخية المهمة «عالميا» كفيل بإحداث تغيرات كبيرة فى الخريطة العالمية، فقد انتبه العالم أخيرا إلى خطورة وجود القطب الواحد واليد الواحدة التى تدير العالم وتسخره لما تشاء، ولهذا نفخت مصر فى روح روسيا مجدداً فأعادتها إلى تصدر المشهد العالمى، ولهذا فقد لعبت مصر ومثيلاتها من الدول دور «رمانة الميزان» التى من الممكن أن ترجح كفة روسيا، كما أنه من الممكن أن ترجح كفة أمريكا، كما من الممكن أن ترجح كفة غيرهما.