فى الأفلام والمسلسلات كما فى الواقع، يسهر المحامون والمتهمون فى ليلة عرضهم على القاضى ليدرسوا ملفات القضية، يحاولون قدر استطاعتهم أن يبرئوا ساحتهم، لو كانت التهمة باطلة يحاول المتهم أن يثبت براءته، ولو كان المتهم بالفعل مذنبًا ويعلم فى قرارة نفسه بهذا، فإنه يبحث عن ثغرة قانونية ليخرج منها بسلام أو بأقل الخسائر.. يحدث هذا فى الأيام العادية والظروف العادية والبشر العاديين، لكن كيف يقضى الإخوان ليلة عرضهم على المحكمة؟ هذا هو السؤال.
محاكمة أمس الأول أجابت عن هذا السؤال، فصرنا على يقين بتفاصيل ليلة عرض الإخوان على المحكمة، وصرت متأكدًا من أنهم لا يبحثون فى ملفات القضية، ولا الاتهامات الموجهة إليهم، إنما يسهرون الليالى لابتكار مشهد تتناوله وسائل الإعلام.. فوقائع المحاكمة لا تزيد أهميتها عندهم على كونها «فرصة سعيدة» لجذب الأنظار، وابتكار مشهد يخطف عين الكاميرا، ويجذب أقلام الصحف، فمرة يخرج علينا مرسى بصيحته الشهيرة «إنت مين يا عم»، ومرة يخرج علينا فريق متهمى الجماعة بمشهد الظهور بالظهر ورفع علامة رابعة، وآخر ما أبدعه الإخوان هو مشهد محاكمة أمس الأول، وغناؤهم أغنية رمضان الشهيرة «حلو يا حلو رمضان كريم يا حلو» ليثبتوا أنهم خارج الزمان والمكان والوعى والإدراك، ويثبتوا أيضًا أنهم لا يرون فى الأزمات التى تسببوا فيها سوى ما يبرزهم ويسلط الأضواء عليهم، حتى لو كان هذا على حساب دماء أتباعهم قبل خصومهم.
حالة العيش فى الاستهبال التى ركبت الإخوان وتملكت منهم، هدمت تلك الصورة الذهنية التى تسكن فى قلوب شباب الجماعة عن بطولات قادتهم، وصارت تلك الثقة التى ظهرت فى صورة سيد قطب وهو يمشى إلى المشنقة بعد اعترافه بجرائمه من كلاسيكيات الزمن الجميل، قبل أن تتملك الجماعة روح اللمبى.
كانت الإخوان «جماعة» فصارت «فرقة تمثيلية» ننتظر منها فى كل ظهور «نمرة» جديدة، ليفاجئوا بها الحضور والمتابعين، وليكتب التاريخ أنه كما حظيت فرقة «بديعة مصابنى» بمكانة ريادية فى المسرح والغناء فى أوائل القرن الماضى، فكذلك ستحظى فرقة «بديع» بمكانة متميزة فى تحويل الجماعة إلى الفنون الاستعراضية بعد أن استهلكوا فنون النصب والقتل والاحتيال.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة