فى حوارات لى مع طلاب جامعيين أقاربى ومن بلدتى، وليس لهم علاقة من قريب أو بعيد بجماعة الإخوان، كانوا يحدثوننى عن مشاهدتهم لعمليات اعتقال عشوائية لزملائهم من الطلاب، وشخصيا عشت قصة من هذا النوع فى قريتى لطالب فى جامعة الأزهر، لا ينتمى إلى الإخوان، لكن تم القبض عليه عشوائيا، واحتاج الأمر إلى تدخل لتوضيح موقفه وتم الإفراج عنه، ولولا ذلك يعلم الله كيف كان مصيره، وأدت هذه الأحوال، وإلى حد كبير، لمقاطعة أطياف واسعة من هؤلاء للاستفتاء، وأفضت إلى قدر كبير من عدم ثقتهم فى المسار السياسى للمرحلة الحالية.
وقبل ما يقرب من ثلاثة أسابيع، أعلن المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية، عن إعطائه توجيهات لفتح ملف الطلاب المقبوض عليهم لبحث كل حالاته، وحتى الآن لا نعرف الخطوات التى تمت بعد كلام رئيس الجمهورية.
«الملف» مزدحم بالحكايات، ومنه قصة الطالب محمد إبراهيم محمد خليل العراقى، الطالب بكلية الآداب جامعة الزقازيق، والمقيم بمدينة الزقازيق، وهو وحيد والديه.
هو شاب انتفض مع بداية دخوله الجامعة ضد سياسات نظام مبارك، ساعيا للتغيير، وكان ضمن صفوف الناصريين فى الجامعة، وبالطبع لم يتخلف عن الانضمام إلى صفوف ثورة يناير، وانضم إلى حزب الكرامة منذ تأسيسه بعد الثورة، وشارك فى كل الموجات الثورية التى تلت تنحى مبارك أثناء فترة حكم المجلس العسكرى.
خرج مع جموع المتظاهرين رفضا لسياسات الإخوان، بدءا من مرور 100 يوم من حكم مرسى، وواصل المشاركة فى كل الفعاليات الاحتجاجية التى كانت تتراكم يوما بعد يوم، حتى كانت ذروتها يوم 30 يونيو، وفى إحدى هذه الاحتجاجات وبالتحديد يوم 2 مارس 2013، كان ضمن المتظاهرين أمام بيت محمد مرسى فى الزقازيق، يطالبونه بالرحيل، وذلك قبل أن تطلق حركة تمرد دعوتها، وأثناء ذلك اقتحمت قوات الأمن صفوف المتظاهرين، واعتقلت «عراقى» لأنه كان أنشط المتظاهرين، ووجهت إليه الاتهامات المعروفة مثل، الاعتداء على قوات الأمن أثناء تأدية مهامها بحماية منزل الرئيس، وحيازة حجارة ومولوتوف، وأحالته النيابة إلى محكمة الجنايات المختصة بدائرة محكمة استئناف المنصورة، التى حكمت غيابيا بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات.
بعد 30 يونيو، وعقب سقوط حكم المعزول، اعتقد «عراقى» وأسرته فى انتهاء سياسة الظلم، فلجأوا من جديد إلى المحكمة بطعن ضد الحكم عليه غيابيا، لكنه حصل على حكم بالسجن المشدد ثلاث سنوات، وذلك من أول جلسة.
هناك كما يقول محامو «عراقى» شهود نفى للواقعة محل اتهامه، غير أن الوضع الآن بالنسبة له هو تواجده فى سجن قسم ثانى الزقازيق، ينتظر بين لحظة وأخرى ترحيله إلى السجن المشدد بوادى النطرون أو جمصة، ولا تملك أسرته إلا مناشدة النائب العام ورئاسة الجمهورية للتدخل بطريقة قانونية لإعادة محاكمته.
نحن هنا لسنا بصدد التعليق على حكم القضاء، ولكن أتناول الأمر من الزاوية السياسية، فإذا كانت الثورة تأكل أبناءها بهذا الشكل، فكيف يثقون فى لحظتهم السياسية الحالية، كيف يثقون فى القائمين عليها؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة