توقفت كثيرا أمام خبر ربما رآه البعض مجرد خبر عادى، أو ربما اكتفى البعض بمصمصة الشفاه، يقول الخبر إن مصلحة الطب الشرعى أعلنت عن دفن 35 جثة مجهولة الهوية فى مقابر الصدقة بالبساتين، منها 30 جثة لأشخاص لقوا مصرعهم خلال فض اعتصام ميدان «رابعة العدوية» فى 14 أغسطس الماضى، و5 جثث لآخرين لقوا حتفهم فى اشتباكات ميدان رمسيس بعد الفض بيومين. انتهى الخبر وبدأت تثور بداخلى التساؤلات عن هؤلاء الذين غادروا الدنيا، دون أن يبكيهم أو يسأل عنهم أحد، أليس لهم أبناء أو زوجات، أو آباء يسألون عنهم، أو حتى جيران، افتقدوهم وراحوا يسألون عنهم، أو حتى يتقدموا ببلاغ للشرطة خشية تعرضهم لمكروه؟ ألم تكن لهم بيوت يترددون عليها وعندما غابوا كان هناك من يفتقدهم: أصدقاء عمل، أو حتى زملاء فى مسجد أو كنيسة؟ ستة شهور خرجوا، ولم يعودوا، ولم يكن هناك من ينتظر عودتهم، هل كانوا مجرد كمالة عدد فى الدنيا؟!
هذا ما يخصهم كبشر وكآدميين وكروح كرمها الله، لكن بالتأكيد هؤلاء، بهذه الصورة، كانوا من المتسولين، والمشردين الذين وجدوا فى اعتصامى رابعة والنهضة فرصة ذهبية للإقامة والأكل والشرب، بل مصروف جيب، تماما كما تم الاستعانة بأطفال الحضانات التابعة لجمعيات الإخوان، أيتام ليس لهم، بعد الله، إلا جمعيات تؤويهم فى مقابل أن تدفع بهم حاملين الأكفان فى مقدمة مصادمات مع قوات الشرطة والجيش، فإذا ما حدث لهم مكروه كنا أمام جيش فرعون وهامان الذى لا يتورع عن قتل الأطفال والتمثيل بهم. الأمر ليس جديدا، بل من الواضح أنه جزء من ثقافة ما بعد ثورة يناير، حدث من قبل، أيضا، فى أحداث التحرير الأولى، ثم فى أحداث ماسبيرو، وأحداث محمد محمود الأولى والثانية، حيث ظلت بعض الجثث لشهور فى المشرحة دون أن يتقدم أحد لاستلامها لدفنها، واكتشف بالصدفة أن بعضهم مسجلين خطر، وكانوا من الهاربين من السجون، وأحدهم كان محكوما عليه بالإعدام وللأسف جرت له جنازة عسكرية باعتباره من شهداء ثورة يناير، بعض هؤلاء المطاردين وجدوا فى ميدان التحرير، ملاذا آمنا، فالشرطة لم تكن تجرؤ فى ذلك الوقت على الدخول الى حيز الميدان. هذا الأمر يقودنا إلى ضرورة أن تكون لدينا شجاعة إعادة الاحترام والتقدير للقب الشهيد الذى حازه بعض البلطجية، كما يجرنا أيضا إلى تحرى حقيقة مجرزة رابعة التى تروج لها جماعة الإخوان فى كل أرجاء الدنيا، وفى الوقت نفسه ترفض الإدلاء بما لديها من شهادات أمام لجنة المجلس القومى لحقوق الإنسان التى تحقق فى حقيقة فض اعتصام رابعة، فقد رفضوا أن يدلوا بما لديهم من شهادات أمام اللجنة المحايدة، والمجلس الذى شكلها مستقل بحكم القانون ولا تستطيع أية جهة أن تمارس ضغوطا عليه أو على أى من أعضائه، محمد فائق السياسى المخضرم رئيس المجلس قال إن نتيجة التقرير ستكون مفاجأة من العيار الثقيل، وكالعادة، والكلام على لسان كاتب السطور، ستنكر الجماعة التقرير وترفضه وتشكك فى نوايا أعضاء اللجنة، وفيما توصلت إليه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة