تابعنا جميعًا مباراة الأهلى مع الصفاقسى أمس الأول فى كأس السوبر الأفريقى، وفرحنا كمصريين، أولًا لانتصار فريقنا العريق ذى الجماهيرية الواسعة، ولقد أزعجتنا أيضًا أحداث الاعتداءات والإتلاف التى حدثت من جماهير ألتراس أهلاوى، فقد يكون مفهومًا غضب جماهير فريق لخسارته، أو حتى تعرضه لظلم من الحكام أو ما شابه، وقد نكون اعتدنا على التعصب الجماهيرى فى مصر وخارجها، ولأسباب رياضية أو تنافسية خالصة، لكن أحداث مباراه الأهلى، والتى ارتبطت بفوز مهم ومبهج، تضع علامات استفهام على ما حدث بعدها من شغب.
أحداث المباراة تخرج من إطار التعصب الجماهيرى المعتاد إلى أحداث ثأرية لا ترتبط بأحداث المباراة، لكنها ترتبط بثأر، وعلاقة خشنة مع الداخلية بدأت من قبل أحداث مباراة استاد بورسعيد الشهيرة، فلقد توترت العلاقات بين الألتراس والداخلية منذ زمن، وساهمت أحداث ثورة يناير، وما بعدها من اشتباكات سياسية وأمنية، فى تأجيج العلاقة السيئة التى لا نرى لها نهاية على المدى القصير للأسف، وهنا يجب على كل متدبر منصف أن يقول إن هذه الأحداث خارج دوائر التعصب الجماهيرى فى ملاعب التنافس الرياضى، لكنها داخل دوائر ضيقة من الثأر والانتقام والنكاية من الألتراس للداخلية، وهذا الرصد للأسف ينقلنا لمنطقة خطر داهم مستمر تُستغل فيه الأحداث الرياضية لتجاذبات وتوترات سياسية.
إذن، المسألة ليست رياضية جماهيرية بالأساس، وهذا ينقلنا لمنطقة حلول مختلفة لابد من تناولها وتداولها على إطار من الفهم الصحيح، ومحاولة تذويب تلك الخلافات عن طريق تعهدات متبادلة من الطرفين، وتحكيم العقل والمنطق لصالح البلد والرياضة، ولابد من دراسة متأنية لكل البؤر السابقة لتلك التوترات، وحلها، ورصد علاقات الاتهام والبراءة فيها.
من زاوية أخرى، لابد من استيعاب أن الألتراس جزء من الجماهير وليس الكل، ولابد أيضًا من تبيان أن روابط المشجعين المختلفة ليس لها نفس الثأر أو الإرادة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن عودة الجماهير لملاعب الكرة لابد ألا تقوضها أفعال ألتراس أهلاوى أو زملكاوى أو غيرهما، لكن لابد من النظر لكل حالة على حدة، فليس من الإنصاف حرمان كل جماهير الكره من حضور المباريات من أجل أفعال روابط بعينها.
وقد يجدر أيضًا القول بأن الأندية يجب أن تعاقب بجدية جراء أفعال روابط مشجعيها، لأنها بطبيعة الحال تستفيد منهم أيضًا، كما أن تلك الروابط لابد أن تفهم أن تأثير أفعال الشغب لابد أن تعود بأثر سلبى على ناديهم الذى يؤازرونه.. وأرى أن تلك العقوبات لا تقف عند الغرامات المالية، لكن يجب أن تطال نتائج المباريات نفسها، فيكون الجزاء من جنس المشجع!
أرى أيضًا أن قانون الشغب الذى صدر من لجنه مقاومة الأزمات فى وزارة الرياضة، والذى قدمه السيد وزير الرياضة لمجلس الوزراء، والذى يُدرس الآن فى مجلس الدولة، لابد من إصداره وتفعيله فى أقرب وقت ممكن حتى نحاصر أفعال التخريب، ونحقق سلامة باقى الجماهير المسالمة.
وقد يكون من المفيد تفعيل روابط ألتراس مختلفة جديدة برسالة ضد الشغب والإتلاف، وإقحام السياسة فى ملاعب الرياضة، وهو جهد منوطة به مجالس إدارات الأندية أن تفعله، وتجاهد من أجله، ولا تقف مكتوفة الأيدى أمام سوء السلوك والتدمير.
كما أنه أيضًا يجب على الداخلية إعادة حساباتها، وإصدار ميثاق جديد للتعامل مع الجماهير، مع اعترافنا الكامل وتقديرنا البالغ لما تدفعه من أثمان من دماء زهرة رجال مصر فى أحداث الإرهاب الخسيسة.
أزمة الألتراس هى جزء حساس من أزماتنا بعد الثورتين، فهى تحتاج كل الجهود المخلصة لفك طلاسمها، وإعاده تقييمها، ودراسة طرق جديدة، ومبتكرة لحلها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة