هذا الفساد بلا طعم.. ربما لأن المزاج العام فى مصر فقد القدرة على التمييز والتذوق، ربما أيضا لأن نظرية «الكرسى فى الكلوب» التى كانت تتخلل نبرة المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، أفسدت طعمه.. لم يكن مناسبا أن يتحدث عن بعض ملفات الفساد التى قدمها لسلطات التحقيق، قبل البت فيها، جنينة ارتكب خطأ قاتلا أفسد مجهوده فوقع فى فخ التعميم، وإلا فماذا سيكون رد فعل سيادة المستشار إذا ثبت عدم جدية بعض هذه الوقائع بعدما استغل كثيرون حديثه هذا ليشمتوا فى نظام ما بعد 30 يونيو؟ ورغم كل هذا فخطيئة جنينة لا تقارن برد الفعل على ما قاله، بعضهم فعل كمن وجد شخصا يحذره من حريق فى بيته، فيتشاجر معه بحجة احترام حرمة المنازل.
هذا الفساد له رائحة نتنة تؤذى الذين مازالت أنوفهم بخير.. فمن غير المنطقى أن نتفرغ للهجوم على هشام جنينة ونلمزه بالأخونة، مقابل أن نتغاضى عن التأمل فيما ذكره من وقائع تهتز لها عروش ويذهب فيها وزراء للسجون، حتى لو صح أن الرجل يهدف بهذا لتشويه صورة الحكومة وزعزعة الثقة فيها، دعونا نتأكد أولا من صحة ادعاءاته ثم نتفرغ بعدها لإعادة الثقة فى الحكومة، لا تتركوا بوصلتكم هكذا تحصد الخسارة يمينا ويسارا، فالفساد يورث للأجيال القادمة ولن يسقط بالتقادم، ولن يقتنع القادمون بعدنا أننا تركنا لهم هذا الإرث العفن لأن الوضع كان استثنائيا والشرطة تحتاج للدعم الشعبى والحكومة تعمل فى ظروف صعبة.
\قمة العار أن نترك شبهة فساد قيمته 32 مليار جنيه فى مؤسسات حكومية دون تحقيق لمجرد أن من أخبرنا عنه رجل نشك فى نواياه، ماذا تبقى من الحياء لديكم؟ عندنا شرطة للسياحة والنقل والمطار والمعلومات والمرور والتحرش وأخرى للأفكار ولم يتبق إلا أن نطالب بشرطة للنوايا والضمائر، أين ضمائرنا إذن ونحن نرى الفساد بأعيننا ونتجاهله بدعوى العجز والانشغال بأمور مهمة وهى فى حقيقتها نقاشات جدلية تافهة؟، يا سادة ما ستقتلعونه اليوم من الفساد سيحصد ثماره أبناؤكم غدا، اللهم بلغت.