قل ما شئت عن المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، قل: «هو إخوانى»، «عينه محمد مرسى فى منصبه»، من تيار استقلال القضاة الذى لعلع فى مواجهة مبارك أواخر فترة حكمه ثم اكتشفنا أن بعض رموز هذا التيار إما إخوان، وإما «الجماعة على قلبهم زى العسل».
قل كل هذا لكن تذكر أنه تحدث أثناء مؤتمره الصحفى قبل أيام عن فساد بالمليارات طوال عامين، وأن وزارة الداخلية رفضت التعامل مع الجهاز، وأن هناك مخالفات فى «مشروع طرح النهر» تقدر بـ«18 مليار جنيه»، و3 مليارات جنيه مخالفات فى الحزام الأخضر، و2 ونصف المليار جنيه مخالفات بجهاز أمن الدولة، وأن عضو الجهاز فى ملف «الحزام الأخضر» بمدينة 6 أكتوبر تلقى تهديدات، مشيرا إلى أن المؤسسات الرقابية تخضع لعمليات إرهاب وتنكيل، وقال إن هناك تقارير تم حفظها دون مبرر، وطالب بإعلان نتائج التحقيقات التى طالت مسئولين سابقين وحاليين فى أجهزة الدولة، وضرورة تطبيق القانون من أجل شعب قام بأعظم ثورتين أطاحتا بأنظمة فاسدة.
برر «جنينة» لجوءه إلى عقد المؤتمر الصحفى الذى أعلن فيه قنابله قائلاً: «دور مجلس النواب متوقف وذلك لعدم وجوده حاليا، وأن البديل أمامه هو المنابر الإعلامية»، وهنا «بيت القصيد».
وبدلا من التوقف أمام هذه الوقائع من الفساد، وتوجيه الشكر إلى الله لأن أكبر جهاز رقابى فى مصر يعمل بطاقته، رأينا سيركا منصوبا باتهامات للرجل بأنه «إخوانى» واخترق الدستور والقانون بعقده لهذا المؤتمر، وكان الصحيح أن يرسل تقاريره إلى الأجهزة المعنية، والمفارقة أن العديد ممن يذهبون هذا المذهب كانوا يصفقون فرحا وإعجابا بما فعله مثلا عبدالرحيم على فى تسريباته التى طالت أشخاص من تيارات سياسية مختلفة، أى أنهم أغمضوا العين عما فعله «عبدالرحيم على» رغم مخالفته للقانون، لكنهم فتحوها على الآخر مع «جنينة» الذى تحدث عن عمليات نهب بالمليارات من أموال «سايبة» فى بلد يبحث عما يعينه على أزماته الاقتصادية.
قمت بمراجعة كل ردود الفعل حول ما ذكره «جنينة» فوجدت على الفضائيات أصواتا زاعقة ضد «الرجل»، تذكرك بـ«زعيق» آخر كان يحدث مع «جودت الملط»، حين كان يعرض تقريره السنوى أمام مجلس الشعب وقت رئاسته للجهاز وأثناء حكم مبارك، مما يقودنا إلى سؤال كبير هو: «ماذا تغير بالضبط فى هذا البلد بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟».
من عينات ردود الفعل: «سمير صبرى يتقدم ببلاغ ضد رئيس الجهاز يتهمه بتصفية الحسابات مع الدولة»، فريد الديب: «جنينة يحاول تجميل صورة الإخوان على حساب الشرفاء»، عبدالله مغازى: «الأمر يشوبه مصالح شخصية اتبعها جنينة فى تصريحاته»، طارق سباق عضو الهيئة العليا لحزب الوفد: «جنينة يحاول تبيض صفحته أمام الرأى العام بأنه ليس مؤيدا للإخوان»، عاصم عبدالمعطى وكيل الجهاز السابق: «جنينة يحاول تبرئة ساحته أمام الإعلام الذى يتحدث عن تراخيه فى كشف المخالفات فى عهد الإخوان».
حين نرى الأمر على هذا النحو، يعنى أننا أمام تحريض صريح على النهب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة