ليس هناك معنى آخر لزيارات أعضاء الوفود الأمريكية لمصر منذ 30 يونيو وحتى الزيارة الأخيرة لوفد الكونجرس الأمريكى، سوى أن واشنطن لا تفكر فى خسارة مصر أبدا كدولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط وشريك فاعل فى مجمل الأوضاع السياسية فى المنطقة وتأثيرها عليها.
أمريكا تدرك أن مصالحها الاستراتيجية فى المنطقة لن تتحقق إلا بعلاقات قوية ووطيدة مع القاهرة، ولا يهم فى سبيل ذلك من يحكم سواءً كان الإخوان أو غيرهم
الموقف الأمريكى المنحاز ضد ما جرى فى ثورة يونيو لا يعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية تبدى تغييرا فى سياساتها الخارجية تجاه مصر، وإنما هو رد فعل الصدمة المهولة التى أحدثها خروج الشعب المصرى ضد الإخوان – حلفاء الأمريكان - وما ترتب عليه من انهيار المشروع الأمريكى الجديد فى المنطقة وما سعت إليه
الاستراتيجية الجديدة فى فرض أنظمة إسلامية بزعامة تنظيم الإخوان فى دول المنطقة فى تونس وليبيا ومصر وسوريا والعراق لوراثة الأنظمة التلقيدية فى إطار الاستراتيجية الأمريكية التى راهنت على الإخوان وأنفقت من أجل ذلك مليارات الدولارات بمساعدة دول أخرى فى المنطقة أغدقت بدورها أموالا كثيرة لإنجاح المشروع الأمريكى سواءً بدعم جماعات الإخوان وأنصارها أو باستمالة مراكز أبحاث وصحف أجنبية فى الولايات المتحدة ودول أوروبية. أغلب الظن أن الإدارة الأمريكية
بدأت فى إعادة تقييم موقفها من الأوضاع فى مصر بعد إحراز تقدم واضح على الأرض والبدء فى تنفيذ خارطة الطريق السياسية فى مصر، والأهم زيارة المشير السيسى لموسكو أيضا وفشل الإخوان فى أن يكون الممثل الحقيقى والبديل الديمقراطى الإسلامى فى المنطقة، واتجاههم إلى ممارسة العنف والإرهاب فى مصر وفشلهم فى استيعاب المتغيرات الجديدة.
ما يؤكد أن واشنطن لن تخسر مصر، الموقف المتناقض لواشنطن من الأحداث فى أوكرانيا، فما اعتبرته انقلابا فى مصر رأت فيه ثورة فى أوكرانيا، فالرئيس الأوكرانى يانكوفيتش هو رئيس منتخب أيضا ومع ذلك طالبته أمريكا بالتنحى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة استجابة لرغبة المعارضة، وهو ما رفضته واشنطن فى مصر وتغافلت عن الملايين التى خرجت ضد مرسى والإخوان واعتبرت ما حدث انقلابا.
المصالح الاستراتيجية هى الحاكمة فى علاقات الولايات المتحدة مع العالم الخارجى وليست الصداقات والعواطف المثالية وهذا ما يحدث الآن من الزيارات الأمريكية للقاهرة.