إن جريمة القتل البشعة بدم بارد وعلى الهوية لسبعة من المصريين المسيحيين فى ليبيا، أمر لا يقبله أى دين سماوى أو غير سماوي. ولا ترضى به الإنسانية حتى فى أقل درجاتها تحضرًا. وهذا ينطبق على كل عمليات القتل على أساس الهوية. إننا نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى خالق لكل البشر، مهما كانت انتماءاتهم الدينية والمذهبية. فكيف يمكن أن يتقرب إنسان من الله بسفك دماء الآخرين؟ مشكلتنا أن بعضًا منا نصب نفسه وليًا على حق الله، أو يتصرف وكأنه أخذ توكيلاً منه تعالى بالحكم على ضمائر وونوايا وإيمان البشر.
نعم إن الله وكُل الإنسان، ولكن لكى يعمر الأرض وينشر الخير والحب والسلام بين بنى البشر، وأن يساعد النفوس الضعيفة على التحرر من شرورها، لا أن يقبض على النفوس ويزهقها. للقتلة أسال، من أى دين أنتم وأى إله تعبدون؟ والحقيقة أن الأصولية الدينية وجماعات الإسلام السياسى والتطرف الدينى والتى نمت وازدهرت فى منطقتنا العربية فى العقود الأخيرة لهو أكبر انتكاسة والخطر الأعظم الذى اصاب المنطقة، فبالإضافة إلى أنها تقف حائلاً دون تقدمها وتستنزف قدراتها ومقدراتها البشرية والمادية هى أيضًا من ينفذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذى يريدونه لنا الآخرون والفوضى الخلاقة التى نادوا بها، ذلك المخطط الذى تشتمل فى مكوناته إشعال منطقة الشرق الأوسط بالحروب الطائفية.
ولست مبالغًا فى ظنى، فنظرة سريعة على أعداد المسيحيين فى المنطقة العربية، نراها فى تناقص وبالذات فى دول "الربيع العربى". فقبل مائة عام كان المسيحيون يشكلون نحو 20% من سكان المنطقة واليوم يشكلون نحو 5% ومرشحة للتراجع إلى نصف هذه النسبة خلال العقد القادم، فى ظل عمليات التهديد والخطف والقتل التى يتعرضون لها وحرق كنائسهم وممتلكاتهم خاصة فى العراق وسوريا ومصر وليبيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة