قبل أيام انتهت خدمة المهندس يحيى حسين عبدالهادى من إدارته لمركز إعداد القادة، لكن خدمته لمصر لن تنتهى، فى مجاله الوظيفى أعطى نموذجا وطنيا رائعا، ولم يتعامل مع تواجده فيه كونه مسؤولا يوقع على أوراق ويسيِّر أعمالا، وإنما كان خلاقا ومبدعا ووطنيا مخلصا.
سجل يحيى حسين عبدالهادى اسمه بحروف من نور فى معركة هائلة، وقت نظام مبارك، فبينما كان أركان النظام يتدافعون فى بيع الشركات والمصانع طبقا لبرنامج الخصخصة الذى نهب مصر، قام هو بعملية فضح لواحدة من أكبر عمليات النهب التى كانت تتم من وراء
الستار
وذلك فى قضية بيع شركة عمر أفندى وقت أن كان محمود محيى الدين وزيرا لقطاع الأعمال، كان يحيى حسين عبدالهادى عضوا فى لجنة تقييم بيع الشركة، وقدرت اللجنة ثمن الشركة بأرضها ومبانيها بمبلغ 1300 مليون جنيه، لكن المفاجأة كانت فى اعتماد محمود محيى الدين ثمنا أقل بكثير وقدره 450 مليون جنيه، مما أثار جدلا كبيرا، وعاصفة هائلة وصلت إلى مجلس الشعب الذى عقد جلسات لمناقشة القضية، تبارى فيها نواب «الحزب الوطنى» فى تقطيع فروة يحيى حسين عبدالهادى، واستدعوا من صندوق قاذوراتهم حججا بالية، واتهامات للرجل لمجرد أنه قال كلمة الحق من أجل الحفاظ على ثروة بلده، وكشف لصوص الخصخصة الذين كانوا يكتنزون المال لهم، فى مقابل تشريد آلاف العمال وإهدار طاقاتهم وخبراتهم.
ورغم ما فعله نواب الأغلبية الذين كانوا على خطوط الاتصال بمحمود محيى الدين أثناء اجتماعهم، إلا أن يحيى حسين عبدالهادى لم ينحن للعاصفة، وإنما واصل موقفه الشريف بالذهاب إلى النائب العام لتقديم بلاغ ضد الصفقة ومسؤوليها، محمود محيى الدين وهادى فهمى رئيس الشركة القابضة للتجارة.
انتهت هذه الجولة التى شهدت ردحا من قيادات الحزب الوطنى المستفيدة، وتشكيكا فى وطنية الرجل الذى فضحها، وأظهر كيف يتم بيع ثروات مصر فى سوق النخاسة، وبالرغم من ذلك بيعت الشركة بمبلغ 700 مليون جنيه، أى بفارق 250 مليون جنيه عن ثمن محمود محيى الدين، وبفارق 600 مليون جنيه عن الثمن الذى قدرته اللجنة من الأصل، وبرغم خسارة الـ 00 6 مليون جنيه، إلا أن ما فعله يحيى حسين عبدالهادى جلب 250 مليون جنيه.
كانت هذه القضية وقت إثارتها دليلا دامغا على كيفية إهدار ثروات مصر، وعلى ترهل نظام مبارك وفساده، وعلى عدم حساب المسؤولين عما يفعلونه من كوارث كبيرة فى هذا المجال، لكنها فى المقابل أكدت على أن فى هذا البلد شرفاء لا يخشون فى الحق لومة لائم، كما كشفت عن أن فى دولاب البيروقراطية المصرية من المسؤولين من هم عظام مثل المهندس يحيى حسين عبدالهادى خريج الفنية العسكرية، والضابط السابق فى الجيش، ورغم معركته فى بيع عمر أفندى التى ربحت مبلغ 250 مليون جنيه، إلا أن محمود محيى الدين أخرجه إلى مجال وظيفى آخر بعيدا عن صفقات البيع، وهو توليه مسؤولية مركز إعداد القادة فحوله إلى مركز إشعاع وطنى هائل، وظل على رسالته فيه حتى جاء حكم جماعة الإخوان ومحمد مرسى، ففعلوا معه كما فعل محمود محيى الدين، حيث أقالوه من منصبه، لكن ثورة 30 يونيو جاءت لتعيده.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عاطف مصر
مين ده كمان ؟