أكرم القصاص

ما وراء ميدان التحرير

الإثنين، 03 فبراير 2014 06:52 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من مفارقات ثورة 25 يناير أن البعض فضل كتابة تاريخها. قبل أن تكتمل ملامحها. ورأينا عشرات الكتب ظن مؤلفوها أنهم يؤرخون للثورة.

بينما هى مجرد مشاهد ثابتة لم تنتقل إلى ما خلف الصور. ولم يرد هؤلاء الكتاب أن يجرحوا هذه الصور المثالية بتفاصيل أو مشاهد لم تكن متناسبة مع هذه الصور. فضل الكتاب التوقف عند مشاهد مفردة عن التضامن والوحدة فى ميدان التحرير. ولم تغادر الكاميرات إلى مشاهد أخرى ومفاوضات وتحركات كانت تدور بعيدا عن الميدان وتؤثر فيه وتتأثر منه.

كانت موقعة الجمل التى حلت ذكراها الثالثة أمس وما تزال تمثل لغزا فى مسيرة الثورة، وتم اتهام الحزب الوطنى بالتخطيط لها وتنفيذها، بينما كانت العملية كلها ضد مبارك ونظامه. جاءت بعد يوم واحد من خطاب مبارك العاطفى الذى كاد ينقذه من السقوط. وأغلقت أى باب للرجوع، لقد أنهت موقعة الجمل أى أمل لمبارك فى البقاء، وفتحت بابا واسعا للإخوان أن يظهروا ويواصلوا سعيهم للسلطة.

وخلف مشاهد التضامن والوحدة فى الميدان، كانت هناك اتصالات ولقاءات، لم تكن الأغلبية فى الميدان تعلم شيئا عما يدور فى الكواليس، كانت جماعة الإخوان طرفا فى هذه المفاوضات مع النظام، ومثلها بعض السياسيين والنشطاء ممن كانوا يغادرون الميدان، ليشاركوا فى جلسات التفاوض مع النظام. وبالطبع كانت موقعة الجمل إحدى أوراق التفاوض والضغط، وهى موقعة ربح منها الإخوان إعلاميا وسياسيا، بينما خسر بها مبارك ونظامه وفقدوا آخر أوراق التفاوض للبقاء.

لا أحد ممن توقفوا عند مشاهد الثورة والميدان، توقف ليسأل عن العلاقة بين الموقعة والتفاوض. أو بين الداخل والخارج. فقد كانت هناك رغبة فى الحفاظ على مشهد الميدان مثاليا وخاليا من أى تساؤلات تعكر الصورة.

وهى صورة كانت فى أغلبها صادقة، لأن الأغلبية ممن شاركوا وخرجوا للتظاهر واعتصموا فى الميدان، كانوا يفعلون ذلك فى مواجهة نظام ظالم ملأته الشروخ والفساد والتزوير. لكنهم لم يفكروا فى صفقات أو مفاوضات.

على العكس من السياسيين المحترفين، ومن الإخوان، الذين كان هدفهم السلطة. ولعل الشهادات المفردة التى سجلها البعض وظهرت على فيس بوك أو المدونات، تعكس كل منها مشاهد، من دون رابط. لكنها يمكن أن تمثل جزءا من صورة توضح ما جرى فى الأيام الأخيرة لمبارك والحزب الوطنى. وهى مشاهد كانت تتفاعل بعيدا عن الميدان ولم تدركها الملايين المجتمعة فى الميدان. لكنها مشاهد ومفاوضات أثرت بشكل كبير على مصير الجموع التى اعتصمت فى الميدان، من أجل تغيير تصورته ثوريا، بينما كانت السياسة تتفاعل وتفتح مساحات جديدة من السياسة، وهى تفاعلات سوف تظهر نتائجها بعد شهور وسنوات.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة