ما إن أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن موافقته على "التكليف الشعبى" لوزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسى، بالترشح للرئاسة ومطالبته بأن يتصرف وفق ما يمليه عليه ضميره الوطنى وأن يلبى نداء الواجب، حتى اجتاحت البلاد من أقصاها إلى أقصاها موجة عاتية من "التطبيل" و"النفاق" فى محاولات "مفضوحة" لكسب رضاء المشير السيسى والدخول فى الدائرة الضيقة المحيطة.
فعلى الرغم من الجماهيرية الكبيرة، التى يحظى بها السيسى بتلقائيته وبساطته وعلى الرغم من حالة العشق التى لا خلاف عليها، والتى نشأت بين الرجل والغالبية العظمى من البسطاء الذين اعتبروه بمثابة طوق النجاة ورأوا فيه الزعيم الذى انتظروه طويلا ليخلصهم من القهر والظلم والاستبداد، إلا أن هناك فئة غير قليلة من المنافقين و"كدابين الزفة" يحاولون الآن وبشتى الطرق القفز على السطح و"يتفننون" فى طرق وأساليب اختطاف فرحة هؤلاء البسطاء والسطو، على الإنجازات التى حققها الشعب بفضل ثورته فى 30 يونيه.
واللافت للنظر أن الغالبية العظمى من هؤلاء "المطبلاتية" الذين يحاولون ارتداء عباءة الثورة ويشيعون كذباً، أنهم من طليعة المشاركين فيها هم أبعد ما يكون عن العمل الثورى، فهم فى الأصل مجرد مجموعة، من رجال أعمال عليهم علامات استفهام كثيرة بسبب مصالحهم الشخصية واستثماراتهم، التى كانت "على كف عفريت"، خلال حكم الإخوان، لذا فهم يحاولون الحفاظ على تلك المصالح الآن، بشتى الطرق وهذا بالطبع ما يدفعهم إلى السعى نحو خلق، علاقات قوية مع "السلطة" ربما تضمن لهم البقاء داخل "دائرة الضوء"، أو الحصول على المزيد من المكتسبات فى ظل النظام الذى ما تزال ملامحه تتشكل الآن على يد المشير السيسى.
هؤلاء هم أشد أعداء الرجل، فإن كانت جماعة الإخوان المحظورة تناصبه العداء فإنها تعلن عن كراهيتها له، بشكل مباشر وعلى الملأ، ودون أى "لف أو دوران"، ولكن هؤلاء "المنافقين" أكثر خطورة من "الإخوان"، لأنهم يسيئون له بما يقومون به من أفعال "خائبة" وألاعيب مرفوضة شعبياً ولن يصدقها أى عاقل.
وهنا أتساءل: من الذى ينفق ويصرف بكل هذا البذخ على تلك، "البوسترات" التى تملأ الشوارع والميادين، بشكل "مستفز"، حيث تحمل صوراً للمشير السيسى، بأحجام مختلفة وشعارات تفوح منها رائحة الوطنية للتذكير، بوطنيته رغم علم الجميع الذى يصل إلى حد اليقين، بوطنيته وحبه وعشقه لتراب مصر حينما غامر بحياته بانحيازه للملايين التى ثارت ضد الإخوان، ومن الذى فتح حنفية الأغانى "سريعة التجهيز" التى تخرج علينا بشكل شبه يومى متضمنة، كلمات تم اختيارها "بفجاجة" من قاموس النفاق الذى كان على مر العصور مصدراً رئيسياً للمتسلقين ومحترفى "مسح الجوخ" والتمرغ فى تراب السلطة.
كل المؤشرات تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك، أن المشير السيسى، هو بالفعل الشخص المناسب الذى جاء فى الوقت المناسب لإدارة مصر، والخروج بها من المرحلة الحرجة التى نعيشها منذ حوالى 3 سنوات، ولكن يجب أن نتعامل معه فى نفس الوقت على أساس، أنه لا يمتلك عصا موسى ليحل بها كافة مشكلاتنا، بمجرد جلوسه على كرسى الحكم، فالبسطاء وللأسف الشديد ينتظرون وبفارغ الصبر عصاه السحرية، التى ستصنع لهم المعجزات وستحقق أمنياتهم فى غمضة عين لتتحول مصر على يديه، إلى ما يشبه "الجنة".
إن كنا نحب السيسى بالفعل ونقدره حق قدره يجب أن نضع نصب أعيننا أنه قد يخطئ وقد يصيب كما ينبغى علينا أن نتحمل أعباء المرحلة المقبلة بحلوها ومرها إذا أتت الرياح – لا قدر الله - بما لا تشتهى السفن، فنحن لم نعد نعيش فى زمن المعجزات والقدرات الخارقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة