ورينى محمولك أقولك من أنت، موتى أون لاين، المرحوم بيتصل، ملابس جاهزة ومشاعر معلبة، وغيرها من المقالات التى تضحكنا حتى البكاء، فى «عولم خانة» أكرم القصاص، ثمانية فصول، تضم مائة وتسعة مقالات ساخرة، فى 241 صفحة من القطع الصغير، من «حواديت»، يفضح فيها كل «حمار تكتيكى وجحش استراتيجى»، يسعى لتحويل المواطن إلى سلعة.. يستمع ولا يعترض، والإعلان يبرر الوسيلة، ليشترى المشاهد الوهم ويدفع دم قلبه، وكل شىء يهون فى سبيل جيوب المشاهدين، وضوضاء الكعب العالى، وسياسى رشيق وجميل وكذاب، وبرامج تقدم الكذب للمنازل! وداوينى بالتى كانت «أون لاين»، يقول أكرم: إذا ضاع منك حذاء أو سيارة، ابحث فى جوجل، ويضيف: سوف تعجز كمواطن عولمى عن التفرقة بين الإعلان والإعلام، أو بين الحق والباطل، هذا العالم يقوم على التسويق، تسويق السلع والبشر، والمخترعات والمنظفات، والبشر، وجواسيس أكثر بياضا.
من المقدمة إلى الكاتب أكرم من جيل الثمانينيات الصحفى من القرن الفائت، حينما كانت الصحافة مهنة البحث عن المتاعب، وليست البحث عن المال، وغسيل الأخبار والأشخاص، فى زمن كان فيه الصحفى يفخر باستقلاله وليس كما يفخر البعض الآن بالعمالة للأجهزة، أكرم كاتب سياسى له العديد من الكتب والمقالات السياسية مثل «11سبتمبر، اختيار الحريات وامتحان الوجود وخمسة كتب صدرت أو تحت الطبع.. مثل «ثورة وصاحبها غايب»، الجانب الآخر من كتابات أكرم، الكتابات الساخرة والتى حاز عنها جائزة أحمد رجب فى الكتابة الساخرة من نقابة الصحفيين 2001، يعد أكرم امتداداً لمدرسة الكتابة الساخرة التى بدأت مع عبدالله النديم، ثم محمود السعدنى، وفيليب جلاب، وأحمد رجب «أطال الله عمره»، وتمتد المسيرة إلى عاصم حنفى، وصولا إلى أكرم القصاص، تلك المدرسة التى تنطلق من الروح المصرية العذبة، والتى حينما يضحك المصريون يذرفون الدموع قائلين: «اللهم اجعله خيرا»، أكرم القصاص يذكرنا بحكمة ديستوفيسكى: «العالم الذى تعجز عن تغييره اسخر منه»، ولكن أكرم وجيله استطاع أن تحفر كلماتهم الساخرة بأظافرها طريقا للحب والحزن والثورة، ومن الضحك إلى البكاء يهدى «عولم خانة» «إلى سكينة جاويش أمى.. أول حروف المعرفة وأقصى حدود الصبر.. وإلى حسين القصاص أول حروف القراءة وآخر حدود التفاؤل.. لعل أرواحهما ترضى بما فعلت»، بعد أن أنهيت «مطلوب لص محترف لوظيفة مهمة»، تذكرت كيف تحول البصاصون وحثالة المدن إلى ناشطين وإعلامجية يسرقون الثورات، ويسربون الوهم فى سوق النخاسة، وتخطت دموعى آخر حدود الصبر.. ووضعت رأسى على عولم خانة وبكيت حتى آخر حدود التفاؤل.