فى مصر حرق الإخوان الكنائس، وفى سوريا فرضت «داعش» الجزية على المسيحيين، وفى ليبيا ذبحت الجماعات الإرهابية الأقباط المصريين برصاصات الغدر، وفى تونس المطاردات من بعض التيارات الظلامية للأقليات الدينية مستمرة، هذا هو المشهد الحالى فى أغلب الدول التى اندلعت فيها رياح ما كنا نظنه ونطلق عليه اسم رياح الربيع العربى، قبل أن نكتشف حقيقة هذا الربيع الزائف الذى تحول بسبب ممارسات الجماعات الإرهابية إلى «الخراب العربى»، لقد أدت سيطرة التيارات المتطرفة والإرهابية على المشهد فى دول الخراب العربى إلى زيادة جرعة الاضطهاد للأقليات، وخاصة الأقليات الدينية، وهو ما رصده الدكتور ليث كمال نصراوين، الحائز على شهادة دكتوراة فى القانون الدستورى من جامعة مانشستر فى بريطانيا ويعمل حاليا أستاذا مساعدا فى القانون الدستورى وحقوق الإنسان فى كلية الحقوق فى الجامعة الأردنية، فى بحث رائع حمل عنوان «حماية الأقليات الدينية فى ظل الربيع العربى» وسأقوم بنقل جزء من هذا البحث الرائع فيقول د. نصراوين فى بحثه: «إن الحديث عن حقوق الأقليات الدينية فى ظل الربيع العربى تتمثل فى التأكيد على أن الأقليات الدينية فى العالم العربى لم تكن فى يوم من الأيام بعيدة عن التغيرات السياسية التى شهدها عدد من الدول العربية، فقد عانت هذه الأقليات نفس ويلات القهر والظلم وانعدام الحقوق والحريات الإنسانية، وإن كانوا أقل اضطهادا بالنسبة لعقيدتهم الدينية، فمن حسنات الأنظمة الاستبدادية العربية، التى تهاوت، اتباعها المساواة فى الظلم والقهر وعدم التمييز بين شعوبها على أساس العرق أو الدين أو المعتقد، فالظلم والاضطهاد الذى تعرض له كل من الشعب التونسى والليبى كان واحدا بغض النظر عن الأجناس والمعتقدات الدينية».
«وعلى الرغم من أن بعض مظاهر حماية حقوق الأقليات الدينية قد ظهرت على السطح عقب الثورات العربية أهمها ما نادى به رئيس حزب النهضة الإسلامى التونسى راشد الغنوشى من أن حزبه سيعترف بالتنوع الدينى فى تونس، وتوثيق الدستور المغربى الجديد لحقوق الأقليات من خلال اعتبار اللغة البربرية لغة رسمية فى الدولة، إلا أن هذا لا يعنى بأى حال من الأحوال أن الثورات العربية ومفرزاتها السياسية ستمر بسلام دون تهديدات حقيقية لحقوق الأقليات الدينية فى الشرق من مسيحيين وأقباط وعلويين وأكراد ودروز وآشوريين، فبوادر التوتر الطائفى والعقائدى قد بدأت تطفو على سطح العالم العربى»، وللحديث بقية غدا إن شاء الله.