ليس مزاحًا ثقيل القوام أن نفتح معارك متجددة مع أعدائنا، أو مع الذين يريدون سوءًا بنا، ويترصدون لنا «الساقطة واللاقطة»، كما يضعون العصا فى عجلات مسيرتنا ونحن بالكاد نستطيع إدارة العجلة!
إننى أطالب مجددًا، وبغير كلل ولا ملل، بأن نستخدم كل الوسائل القانونية والعرفية والإنسانية للحصول على تعويضات، مقابل ما أخذه منا الإسرائيليون والأتراك والفرنسيون والإنجليز.. وتسألنى: هل يمكن أن تضع الأتراك فى خانة واحدة مع هؤلاء وأولئك؟ وأبادر فأقول: نعم، وبالثلاثة، فأردوغان وحزبه وتياره واتجاهه لا يقلون خطرًا على مصر وعلى العروبة عن الصهاينة والاستعماريين، لأنهم لو كانوا مكاننا وفعلنا بهم ومعهم ما فعلوه، لما تركونا لحظة واحدة دون أن يأخذوا حقهم «تالت متلت».
نريد تعويضات عن الأثر الذى أنزلته اللعنات التى استنزلها أسلاف اليهود على أسلافنا، الذين لم يكن محتمًا أن يدفعوا ثمن خطأ الحاكم فى مصر آنذاك، «الفرعون»، حسب التسمية التوراتية، لأن نصوص التوراة تؤكد أن «الفرعون»، هو من ظلم الإسرائيليين ولم تشر إلى أنه شعب مصر!
لقد استنزلوا علينا لعنة الجراد، الذى لم يترك شيئًا إلا التهمه، ولعنة تحول مياه النيل إلى دم، فلم يشرب كائن حى لفترة طويلة، ولعنة الظلام، فاسودت الدنيا نهارًا وليلاً، ولعنة الضفادع، ولعنة موت البكور أى كل مولود بكر من أى أنثى بشرًا كانت أم حيوانًا.. وإلى آخره.
نريد تعويضًا عن الذهب والفضة والنحاس والأحجار الكريمة والأنسجة والجلود والخشب والحيوانات لحومًا وشعرًا وجلودًا ووبرًا ومواد أخرى سيأتى ذكرها، عندما أنقل نصًا من التوراة!. وهى كلها مواد استخدمها اليهود فى طقوسهم، وهى ثروات لم يكن ممكنًا وجودها مع تائهين فى الفلوات، إلا إذا كانوا قد حملوها معهم قبل خروجهم.
أما الأتراك، فنريد المطالبة بالتعويض المناسب عن التخلف الاقتصادى والاجتماعى والثقافى والفكرى والسياسى، الذى فرضه وجودهم على أنفاسنا، بينما الدنيا تتقدم فى القرون ذاتها تقدمًا هائلاً فى كل مجال، ونريد من الأتراك تعويضًا عن غزوهم لبلادنا ظلمًا وعدوانًا، وتجريفهم للثروة البشرية الجبارة من العلماء والبنائين والخيامية والنجارين والفحامين والحدادين، وكل المتميزين من طوائف الحرف، وإجبارهم على الذهاب إلى أسطنبول ليبنوا القصور والمساجد وغيرها، كما نريد تعويضًا عن نهب الأتراك للآثار، وفى مقدمتها بعض آثار النبى، صلى الله عليه وسلم، وسرقة المخطوطات والكتب، واستمرار هذا النهب والتجريف طيلة القرون، من مطلع القرن السادس عشر إلى مطالع القرن العشرين!
كما نريد تعويضات من الأتراك عما أصاب الشخصية المصرية من آفات وأمراض، جراء العنصرية والاستعلاء التركى، والحط من شأن مصر والمصريين، واعتبار الفلاح سُبة لمن يفلح ويزرع ويحصد، رغم أن نتاج عرقه كان يصب فى كروش التنابلة العثمانيين، كما نريد تعويضات عن التواطؤ التركى الصهيونى، الذى تم فى الخمسينيات والستينيات، عندما كانت مصر تقود حركة التحرر العربى والعالمى، وتتصدى لمخططات الأحلاف الاستعمارية، التى كانت تركيا والدولة العبرية من الفقرات المهمة فى عمودها الفقرى.
وإذا انتقلنا للتاريخ المعاصر، فإننا يجب أن نمسك بالصهاينة والفرنسيين والبريطانيين من زمارة حلوقهم، لنأخذ التعويضات التى نستحقها عن حملة بونابرت، وعن التواطؤ الفرنسى البريطانى الصهيونى على مصر فى 1956 و1967 وحتى فى 1973، لأن إجهاض نتائج الانتصار المصرى العظيم ساهم فيه البريطانيون!
نريد تعويضات عن الاثنتن وسبعين سنة احتلالا بريطانيا، فرض علينا التخلف والتبعية، ونهب ثروات بلدنا، ودق الأسافين بين أبناء الوطن الواحد، وخلق فئة اجتماعية عميلة لم ترحم فقراء مصر!
إن المستقر عبر القصص فى الكتب المقدسة، أن بنى إسرائيل خرجوا بليل من الوادى، وذهبوا إلى شبه جزيرة سيناء، المعروف أنها صحراء ولا مجال فيها لاستخدام كميات هائلة من الذهب والفضة والجواهر واللحوم والزيوت والأنسجة وخلافه، ولذلك فمن الواضح أن بنى إسرائيل أخذوا هذه الأشياء كلها من المصريين، قبل أن يتجهوا للخروج من مصر.
ففى الإصحاح الخامس والعشرين من سفر الخروج نقرأ بالنص: «وكلم الرب موسى قائلاً كلم بنى إسرائيل أن يأخذوا لى تقدمة من كل من يحن قلبه تأخذون تقدمتى وهذه هى التقدمة التى تأخذونها منهم: ذهب وفضة ونحاس و«أسمانجونى؟» وأرجوان وقرمز وبوص وشعر معزى وجلود كباش محمرة وجلود تخس وخشب سنط وزيت للمنارة وأطياب لدهن المسحة وللبخور المعطر وحجارة جزع وحجارة ترصيع للرداء والصدرة فيصنعون لى مقدسًا لأسكن فى وسطهم.. بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن، ومثال جميع آنيته هكذا تصنعون.. فيصنعون تابوتًا من خشب السنط طوله ذراعان ونصف وعرضه ذراع ونصف وارتفاعه ذراع ونصف وتغشيه بذهب نقى من داخل ومن خارج تغشيه وتضع عليه إكليلاً من ذهب حواليه وتسبك له أربع حلقات من ذهب وتجعلها على قوائمه الأربع..».
وتمضى التوراة لتقول فى الإصحاح 25 أيضًا: «وتصنع غطاء من ذهب نقى طوله ذراعان وعرضه ذراع ونصف وتصنع كروبين من ذهب صنعة خراطة تصنعهما على طرفى الغطاء.. وتصنع مائدة من خشب السنط طولها ذراعان وعرضها ذراع وارتفاعها ذراع ونصف وتغشيها بذهب نقى وتصنع لها إكليلاً من ذهب حولها.. وتصنع لحاجبها إكليلاً من ذهب.. وتصنع منارة من ذهب نقى عمل الخراطة تصنع المنارة قاعدتها وساقها تكون كأساتها وعجرها وأزهارها منها وست شعب خارجة من جانبيها..»، وتستمر التوراة فى رسم تفاصيل التابوت والمائدة والمنارة رسمًا تفصيليًا دقيقًا، وطريقة صنعه، والمواد التى يصنع منها ويكاد كل شىء أن يكون مغطى بالذهب النقى والفضة، بل إن التوراة تأمر باستخدام الأحجار الكريمة.
ففى سفر الخروج أيضًا الإصحاح 28 نقرأ نصًا: «وتصنع صدرة قضاء.. صنعة حائك حاذق كصنعة الرداء تصنعها من ذهب وأسمانجونى وأرجوان وقرمز وبوص مبروم تصنعها، تكون مربعة مثنية طولها شبر وعرضها شبر وترصع فيها ترصيع حجر أربعة صفوف حجارة.. صف عقيق أحمر وياقوت أصفر وزمرد الصف الأول والصف الثانى بهرمان وياقوت أزرق وعقيق أبيض، والصف الثالث عين الهرويشم وجمشت، والصف الرابع زبرجد وجزع ويشب تكون مطوقة بذهب فى ترصيعها وتكون الحجارة على أسماء بنى إسرائيل اثنى عشر على أسمائهم كنقش الخاتم كل واحد على اسمه تكون للاثنى عشر سبطًا وتصنع على الصدرة سلاسل مجدولة صنعة الضفر من ذهب نقى وتصنع على الصدرة حلقتين من ذهب وتجعل الحلقتين على طرفى الصدرة وتجعل ضفيرتى الذهب فى الحلقتين على طرفى الصدرة»، ويستمر الوصف دقيقًا تفصيليًا هو مهم عند المؤمنين بهذا النص التوراتى، ولا يقلل من أهميته ولا من قدسيته عند أصحابه أن يصاب غير المؤمن به بالسأم من الاستغراق فى تفاصيل التفاصيل، وربما تكون الحكمة من وراء ذكر هذه التفاصيل أن نجد نحن فيها الوثيقة الدالة على حجم ونوع ما أخذه اليهود منا فى تلك العصور، ونصل إلى الإصحاح الثامن والثلاثين لنجد حصرًا جامعًا لبعض ما ذكر من قبل: «كل الذهب المصنوع للعمل فى جميع عمل المقدس وهو ذهب التقدمة تسع وعشرون وزنة وسبعمائة شاقل وثلاثون شاقلاً بشاقل المقدس. وفضة المعدودين من الجماعة مائة وزنة وألف وسبعمائة شاقل وخمسة وسبعون شاقلاً بشاقل المقدس».
إننى أدعو كل مهتم بالدراسات التوراتية أن يفيدنا علميًا بتفسير معنى كلمة «وزنة»، وكم تساوى من الجرامات الآن؟ وكذلك وزن الشاقل فى تلك الأيام، خاصة أنها كلها من ذهب نقى وفضة خالصة!
تعالوا ولن نخسر شيئًا لنقاضى أردوغان ونتانياهو وكاميرون وغيرهم من الذين نهبونا وسرقونا، وكان لهم دور فيما جرى لنا عبر العصور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة