يسألونك عن التحصين!

لا يوجد تفسير واضح لتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية سوى أن هناك أمرًا مشبوهًا يتم الإعداد له فى الخفاء، وإذا كان واضعو قانون الانتخابات الرئاسية الذى صدر قبل أيام لا يدركون أن الشعب تغير، وأن وعى الناس قد ارتفع فتلك كارثة يجب التصدى لها.
لقد أعلنت جميع الأحزاب رفضها القاطع لهذه المادة فى القانون التى تحصّن قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية، لأن من المنطقى فى عصر الحرية والشفافية والثورة ألا توجد مادة أو قانون محصّن ضد الطعن أمام الجهات القضائية، خاصة أن الذى أصر على حكاية التحصين هذه لجنة وليست هيئة قضائية، فزمن القداسة البشرية قد ولى، وأيام الفرعون الأخير قد انقضت، فكيف يمكن لشعب طرد رئيسين وحبسهما أن ينصاع لقرارات التحصين؟
أدرى تمامًا أن الفترات الثورية تشهد عادة صراعات معلنة وخفية بين من يمثلون النظام القديم بكل عيوبه وبؤسه وعناده، ومن يطمحون إلى تأسيس نظام عصرى ديمقراطى يعمل على تحقيق العدالة وتعزيز الحريات، لكن حتى هذه اللحظة مازال نظام مبارك بجبروته القانونى وانحيازاته الاجتماعية ضد الملايين.. أقول ما زال هو المسيطر الذى يفرض رؤاه وقوانينه وقراراته من أجل الحفاظ على مصالح الشرائح الاجتماعية التى يمثلها، وهذه مصيبة بكل المقاييس، ولا أظن أن الشعب الذى انتفض وهبّ لن يقبل بخداعه مرة أخرى.
(ردة للخلف)، (سقطة)، (سيترك مشكلة قانونية)، هذه بعض الأوصاف التى أطلقها ممثلو عدة أحزاب مدنية مثل الوفد والتجمع رفضوا بحسم تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية، أما حملة المرشح الرئاسى حمدين صباحى فقد أعلن المتحدث الرسمى باسمها السفير معصوم مرزوق أن (التحصين) انتكاسة حقيقية لمسار ثورة 30 يونيو ولدستور 2014.
مرة أخرى.. يغيب عن فطنة حكامنا تقدير الظرف العام تقديرًا صائبًا، فيعتقدون أن الشعب الذى رفض الإرهاب وجماعاته، سيرضخ لألاعيب النظام القديم ومكائد قانونييه، لكن لا الشعب ولا شباب الثورة ولا حتى الأحزاب القديمة وافقت على تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية.