إنها الحكومة السادسة لمصر من بعد سقوط مبارك فى فبراير 2011، حكومة ستشهد على أهم استحقاقات انتخابية فى هذه المرحلة الانتقالية الحرجة، حكومة يجب أن نراها ويراها الكل محايدة مستقلة، تضع البلد وطنا وشعبا نصب أعينها. فهناك من يراها مثلها مثل غيرها لن تقدم أى جديد، وأن القرارات الأولية التى أخذتها الحكومة يفسرونها على أن الغربال الجديد ليه شنة ورنة، وهناك آخرون يضعون على هذه الحكومة الجديدة آمالا وطموحات كبيرة، وهناك من يرون أنها لا تختلف اختلافا جذريا عن سابقتها، فهناك الكثير من الوزراء الذين بقوا فى الحكومة الجديدة فزاد لديهم الإحساس بالإحباط.
ولكنى لا أحمل وجهة النظر هذه أو تلك، فأحاول أن أنظر إلى الموضوع وأقيمه من الممارسة، وما تفعله الحكومة الجديدة على الأرض، وأنتظر لعل وعسى تحقق ما لم تستطع الحكومات السابقة فعله، وهذا كان اتجاهى نحو أى حكومة فى بدايتها، ولكنى أرى أن هذه الحكومة تختلف عما سبقها، وهذا ليس رأيا لى ولكن رد فعل تلقائيا تجاه ما قامت به هذه الحكومة فى هذه الأيام المعدودة، أو بالأخص رئيس وزرائها منذ أن تولى حتى الآن. أعلم أنها فترة وجيزة، ولكن هناك العديد اللافت إلى النظر الذى أكاد لم أره أو ألمسه مع رؤوساء وزراء سابقين، استوقفنى وأشعرنى بأنه يجوز أن تكون هذه الحكومة مناسبة للفترة الزمنية الصعبة والحرجة التى تمر بها البلاد. فبالفعل مصر تحتاج الآن إلى حكومات مبتكرة تحاول أن ترى وتبحث خارج المعتاد والسابق.
ويجوز أن تكون القرارات بسيطة ويراها البعض سطحية، ولكنها غير معتادة، فلذلك توقفنا عندها، فنرى الحكومة تجتمع لأول مرة فى التاريخ السابعة صباحا، حرصا على الوقت أو إحساسا بالمسؤولية لكنى لا أستطيع أن أراها شو إعلاميا، كما يدعى البعض، فهم لا يحتاجون إلى ذلك، ولن يضيف إليهم شخصيا شيئا.
نرى الوزراء فى الشوارع المصرية أكثر منهم فى المكاتب، فمن المهم أن يروا المشاكل من منظور المواطن، وليس من منظور الورقة التى تصل من المواطن أو من الموظف بالوزارة.
ونسمع عن آلية جديدة للتعامل مع إضرابات العمال، وهو ميثاق شرف عمالى يوقع بين الحكومة من طرف والعمال من طرف آخر، يجوز أن المضمون غير معلن باستفاضة، ولكن نتمنى ونسعى أن يكون مضمون ميثاق الشرف يصب فى مصلحة الطرفين، وأن يكون الطرف العمالى يمثل العمال بالفعل ويمثل صوتهم ومصالحهم، وليس ديكورا عماليا ولا ينقص شيئا من مصلحة العمال وحقوقهم ومطالبهم التى كانوا يضربون من أجلها.
لأول مرة أجد رئيس وزراء يدعو لاجتماع عاجل فى اليوم التالى لسيول مفاجئة شهدتها بعض محافظات مصر لبحث مشكلة تراكم مياه الأمطار بالشوارع، مما عرقل حركة المرور وهذه مشكلة مزمنة لمصر ولم أر رئيسا للوزراء اهتم بتلك المشكلة بهذا الشكل وكون لجنة من وزيرى التنمية المحلية والنقل وبعض المحافظين لسرعة إيجاد حل فورى ودائم لتلك المشكلة وتفادى تكرارها فى المستقبل، وما أنتظره وأتمناه أن يتم الإعلان عما بحثته وما قدمته تلك اللجنة من حلول وآليات قابلة للتنفيذ وبجدول زمنى معلن، حتى لا يكون ما تفعله الحكومة «كما اعتدنا من حكومات سابقة» بتكوين اللجان لتقديم الحلول وتتشكل اللجان ولا نجد الحلول، وتشكل لجان جديدة عند تكرارها ودائرة مغلقة لا تنتهى ولا تقدم جديدا.
وهناك يوم من أيام هذا الأسبوع شهد عدة قرارات لمحلب فى زمن قياسى منها: القرار السابق الخاص بالأمطار، وقرار رفع الحد الأدنى لمعاش الضمان، وقرار إعادة تشكيل المجلس الأعلى للطاقة برئاسته شخصيا وعضوية 10 وزراء آخرين، وتشكيل لجنة فنية وهندسية لفحص الانهيارات بمطار الغردقة، وتشكيل مجموعة وزارية للشؤون السياسية والتشريعية برئاسة وزير العدل. نحن هنا لن نتوقف على هذه القرارات فقط، ولكن دورنا أن نرصدها ونتابع ما سوف يصدر عنها من حلول وآليات عمل وجدول زمنى، فلابد أن نقوم بدور مجلس الشعب حتى وقت انتخابه، فلا يجب أن ننسى أو نغفل، فالكل يجب عليه أن يقوم بدوره نتابع حتى لا ينسوا وننتقد حتى يصلحوا ونضغط حتى يغيروا.
هناك من سوف يقرأون السطور السابقة، ويتخيلون أننا نتغير أو نبيع مبادئنا كما يقال من البعض. فالكثير رآنا فقط ونحن جزء من المعارضة، ونحن الآن لسنا جزءا من المعارضة ولا جزءا من السلطة، أرى من نفسى الآن جزءا من الشعب أحاول أن أراقب وأظهر الإيجابيات، وأنتقد وأفضح السلبيات وتغيير الآليات حسب ما يمر به البلد ويواجه من مخاطر خارجية ومؤامرات داخلية، ليس عيبا أو سبة فى جبين الثورة، فالثورة والمعارضة الهدف منهما مصر ومحاولات إصلاح السلبى وإبراز الإيجابى أيضا الهدف منه مصر.
الثورة والمعارضة والإصلاح من الداخل آليات تختلف باختلاف المرحلة وباختلاف تركيبات الأشخاص، المهم هو أن تكون مصر نصب عينيك فى أى آلية تختارها، ولا نرسى مكانا بيننا للمزايدات الفارغة والاتهامات الباطلة.
سنظل نراقب الحكومة وننتظر ترجمة لسياساتها على الأرض، نبرز إيجابيات ونرفض السلبيات من القبض العشوائى وتعذيب المعتقلين وفساد بعض الإعلاميين، ونريد حلولا للقوانين التى تحدث لبسا قضائيا ودستوريا، فالحكومات زائلة والسلطات تتغير والأشخاص تتبدل وتبقى مصر أولا وقبل كل شىء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة