دعك من التسريبات التى أصبحت وجبات يومية، والقاعدة أن الخبر العادى لا يكون جذابا إلا إذا تحول لتسريب، وأغلب ما يطلق عليه تسريب هو آراء يقولها الناشط أو السياسى
قد تختلف مع ما يقوله علنا. ولا تتجاوز دردشات عادية مما يحدث كل يوم. وطبعا الموقف السياسى من التسريبات متناقض، هناك دائما من يحب «التسريب» على الآخرين ويرفضها على نفسه وحلفائه. وهو أمر ينطبق على ما هو منسوب لشفيق أو البرادعى وكلاهما يرى أنه صح وأن الآخرين خطأ ولا يفهمون.
مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه الآراء تكشف عن طريقة تفكير كل سياسى أو زعيم.
العادة أن أغلب السياسيين عندنا يعتبرون أنفسهم عباقرة، والباقى حمير، وأنهم يحملون أسرار الفهم، ومفاتيح الحلول، وأن مشكلتهم أن أحدا لا يفهمهم أو يعطيهم الفرصة.
حتى لو كانت كل توقعاته وتصوراته السابقة ثبت فشلها، والقاعدة أن كل سياسى يرى منافسه أو خصمه مجرد «حمار». وهو ظلم للحمير الذين يدفعون من «حموريتهم» ثمنا لحماقات وأخطاء البشر.
التجارب أثبتت أن الحمار يتفوق على بعض السياسيين والبرلمانيين والمدعين، ممن يقودون الآخرين إلى طرق تشتتهم، بينما الحمار يستطيع العودة لمنزل صاحبه وحده
ثم إن الحمار لم يدع أنه يفهم فى كل شىء، ولا يرشح نفسه، ولا يزعم أنه يفهم الاستراتيجية والتكتيك، والأهم أن الحمار لا يسرق، ولا يكذب، وينهق نهيقا واحدا، بينما عند السياسى لكل مقام نهيق.
والأهم أن الحمار لا يحتاج لتسريبات، ولا يتهم مخالفيه فى الرأى بأنهم «بنى آدمين» بينما كثير من الزعماء يتحدثون عن الديمقراطية والحوار، وعند الجد يلحسون كلامهم.
والحقيقة أن الحمير تخجل مما يفعله السياسيون والزعماء، وإذا كان للحمير أن تعلن رأيها فيما يجرى فسوف ترفض تشبيه البشر بالحمير، لأن التشبيه يمثل إساءة لكائنات بريئة.
تفخر بحموريتها فى مواجهة بشر انتهازيين. وربما تنهق و«ترفس» عندما تجد مرشحا أو سياسيا يشبه زميله بأنه حمار. ولا تضيع الوقت فى نهيق مزدوج
لكن الأهم من كل هذا أن الحمير لا تسرب ولا تعطى لنفسها الحق فى الاستبعاد والظلم.
وبعيدا عن الحمير والحمورية، وبالعودة إلى التسريبات، فقد تحولت كما قلنا إلى طريقة للتسلية السياسية بعد غياب الجدية عن أغلب الزعماء ممن يتحدثون فى العلن على غير ما يقولون فى السر ثم يتهمون غيرهم بـ«الحمورية».