أكرم القصاص

مصر هبة «التسريبات والإفيهات»

السبت، 15 مارس 2014 07:50 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعك من الأفكار السياسية العميقة، والبحث عن حلول وطرح برامج أو مخاطبة الجمهور، فكلها تحركات مرهقة تتطلب جهداً ووقتاً، بينما السياسيون مشغولون بالتصريحات والإفيهات والتوكشوهات، ومعهم طوابير النشطاء والمتفرجين، ممن يتلقفون أى تسريب أو إفيه ليقتلوه تعليقا وتفسيراً وتأييداً، أو رفضاً. وبديل ذلك هو إعادة تسريب الإفيهات التى يقع فيها مقدمو البرامج أو ضيوفهم، لتتحول إلى مادة لبرامج أخرى. وتعليقات أخرى، وتدور الدوائر لتعود من حيث جاءت.

ولم يعد أحد ينتظر برامج سياسية أو أفكارا، فقط ينتظرون تسريبة المساء والسهرة، التى يقضون حولها الليل فى شغل شاغل، على فيس بوك وتويتر، بعد انشغالات التوك شو. وطبعاً كلام التوك شو والفيس وتويتر مدهون بزبدة افتراضية يطلع عليه النهار يسيح.

نحن نعيش زمن التسريبات، وخلال أقل من يوم سمعنا تسريبات مختلفة إحداها للفريق أحمد شفيق، عن الانتخابات والجيش وأخطاء المشير، والثانى للدكتور البرادعى عن الحمير والزبالة، والثالث لآخرين أقل أهمية لكنهم فى النهاية نشطاء أو سياسيين. وقبلها سمعنا عن تسريبات لفلان أو علان. وكما قلنا فهى مكالمات خاصة تكشف غالباً عن وجهات النظر الحقيقية، وبعضها كلام عادى أو آراء تكشف عن ضحالة وسطحية الكثير من زعماء ومرشحين، يتضح أنهم لا يؤمنون بما يرددونه، ولا يحترمون بعضهم وغيرهم، أغلبهم مصاب بالتهابات فى الذات السياسية، وغرور غير مبرر.

لكنهم ليسوا وحدهم، بل إن الكثير من النشطاء ومفكرى الزمن الجديد، يفضلون الإفيهات عن الأفكار ولا يتورعون عن استهلاك الكثير من الشائعات، بل وإطلاقها.

والنتيجة أننا أصبحنا فى مورستان سياسى، وحالة من التسريبات والتسريبات المضادة، للتسلية والتعليق، فضائياً وافتراضياً، بين جماعات من المرضى والحمقى والمغفلين، ومهاويس بالتنظيرات حول الإفيهات.

المهم أن الكل سواء كان موافقاً أو رافضاً للتسريب، أصبح جاهزاً للدخول فى التعليق وإطلاق الإفيهات على الموضوع. وهو خيار يومى وليلى، يجعلنا فى حالة فرجة، حتى من هؤلاء الذين لا يكفون عن المطالبة ببرامج ليس لديهم سوى رد الفعل. والنتيجة أن مصر أصبحت هبة التسريبات والإفيهات، والبرامج الأكثر نجاحاً هى التى تسرب أو تنكت، أو يقدمها «كاراكترات» يحرصون على الأداء المسرحى ولا يهم المضمون أو الفعل.

أما السياسة فهى مرهقة ومتعبة، وتحتاج للحركة والعمل، والسياسيون مشغولون بإطلاق التصريحات والتوك شوهات.

وما على المشاهد إلا أن يتابع يوماً بيوم حالات التسريب والإفيهات لينام ويصحو على المزيد من الإفيهات.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة