لأنه فقير وبسيط ومن غمار الموالى فى مصر مثل ملايين كثيرة فى بلادنا ضاقت بهم أرضها بما رحبت واتسعت، مات بسام السيد الشاب الصعيدى ابن جرجا برصاصات الغدر الجبانة وبأيدى من لا ملة لهم ولا دين، نال الشهادة فى سبيل الدفاع عن وطنه فى صمت دون ضجيج أو صخب.
لم يعرفه أحد أو يطالع صوره وإشراقة ابتسامته الهادئة وعيونه الحالمة بعد الخدمة العسكرية بالعيش الكريم والحياة البسيطة مع ابنة الحلال التى يختارها القلب والأهل من أهالى قريته الفقيرة المنسية كآلاف القرى المنسية بساكنيها فى مصر. قتل الإرهابيون حلمه البسيط وكبروا وهللوا وتركوا البكاء بالدم والدموع لأمه الثكلى المفجوعة فى ابنها البكر.
سوء حظ بسام وأصدقائه الخمسة من شهداء كمين مسطرد، أن الإعلام والناس و«النشطاء والثوار» فى مصر كان لديهم هم أكبر وقضية أهم شغلتهم عن بسام وأصدقائه من بسطاء مصر وفقرائها، النضال الأكبر ضد الشوشرة على برنامج سعيد الحظ باسم يوسف كان هو الشغل الشاغل للناس فى مصر منذ مساء الجمعة وحتى الآن، ولم يرتفع صوت فوق صوت موقعة «الشوشرة والتشويش» على «البرنامج» وقامت الدنيا وما زالت، على سخرية عابرة قد تضحك البعض وقد تصيب البعض الآخر بالغثيان والقيئ، فى حين انتهت حياة بسام وغابت ضحكته النادرة وحكايته التى لم تكن قد بدأت بعد، دون أن يدرى به أحد.
مات بسام الغلبان الذى كان أخوته ينتظرون إجازته بفارغ الصبر، وهو قادم إليهم بحبات البرتقال وبضعة جنيهات، هى كل راتبه من خدمته العسكرية، تدخل إلى قلوب الصغار الفرحة لبعض الوقت حتى يعاود إليهم من جديد، وهذه المرة انتظروه ولكنه عاد إليهم شهيدا.
فى الجانب الآخر عاد «البرنامج» بعد التشويش وعاد صاحبه محملا بملايين الجنيهات بعد دعاية استثنائية ليوم كامل، وفرح الدراويش والأنصار وهللوا وكبروا أيضا، فقد عاد باسم العزيز الغالى لأحبائه وملايينه، ومات بسام وبكى فقراءه فى قريته المنسية الراقدة على هامش الحياة بعيدا عن «التشويش والشوشرة».