هذه المرة ليست القضية ( قضية التحرش بمفردها) ليست القضية أن هناك متحرشا, وهناك فتاة أو امرأة يتهمها المجتمع أنها السبب دائماً في إلغاء عقله وإظهار شهوته ، والسير ورائها للتعرض لها سواء بالنظرات أو الألفاظ أو بطريقة أكثر تطرفاً ( كالحيوان المتسول عندما يجرى جائعاً إذا وجد قطعة لحم تشفِ جوعه) .
واقعة جامعة القاهرة ما يثير الإزعاج والسخط عليها ( ليس أنها بداخل الحرم الجامعى) فقط ، وأن المتحرش لم يضع فى الاعتبار الصغير أو الكبير بدءًا من رئيس الجامعة وحتى الغفير، فمتحرش الجامعة هو متحرش الشارع ، ليس بالضرورة أن يكون أمى أو بلطجى سائق، أو سمكرى سيارات، أو صنايعى، ليس بالضرورة أن يكون فى العشوائيات، ومن سكان المناطق الشعبية بل موجود في أرقى المناطق، وأفخم المكاتب والمناصب ما يثير السخط هو ردود أفعال السادة المسئولين، ردود أفعال المجتمع الذكورى بشكل عام، تعليقات للأسف من أشخاص يحسبون على النخبة، وهم يتسببون في تخمة عقلية وللأسف تنتشر ردود أفعالهم كالفيروس على الشاشات لتتفاقم المشكلة.
سأذكركم بحادثة الرئيس الأمريكى (باراك أوباما في 2013) عندما غازل وزيرة العدل في ولاية كاليفورنيا الأمريكية وقال :( إنها أجمل وزيرة عدل شهدتها أمريكا) .. تصريح صغير عبارة ليست مبتذلة ولكن لم يرحب بها المجتمع الأمريكى على الإطلاق ولم تلقِ ترحيبًا على أذن وزيرة العدل اتهمه الشعب الأمريكى، إنه يشتت الانتباه إلى شكلها ومظهرها، اتهمه المجتمع الأمريكى أنه يقلل من ذكائها ويقلل من نجاحها ويلغى عقلها وينظر لها كأنثى فقط.. واعتذر الرئيس الأمريكى عن المغازلة.
شاهدت فيديو التحرش بعين أنثى أولاً , وبعين مصرية تعيش فى المجتمع المصرى الفتاة لم تكن ملفتة أو مبتذلة بالقدر الذى ( يبرر الجريمة) اللاأخلاقية .. لبس الفتاة هو نفس اللبس الذى أرى به كثير من البنات يركبن به وسائل المواصلات العامة ليس دفاعاً عن الفتاة، ولكن أكره تبرير الجرائم واختلاق الأعذار لشيء واضح كالشمس، التحرش موجود بشراسة في مجتمعنا الذكورى ولأنه ذكورى بطبعه يصعب علاجه، مصر تحتل( المركز الثاني) في التحرش، حقيقة لا نستطيع التملص منها ! وهذا نتيجة التربية الذكورية التى يعيشها المجتمع، الآباء والأمهات يربون الذكر ليكون مليئاً ( بالذكورة ) وشكل الرجولة لكن لا يهتمون بالضرورة أن ينشأ رجلاً، لأن المعنى مبهم ومصمت لم يُلقن منذ الصغر لم يقم التعليم على العدل والمساواة ، لم ندرس مادة تشرح معنى الكرامة الإنسانية والحرية ، كانت تدرس مادة الأخلاق ولكن حذفت من المناهج مع أننا في آمس الحاجة إلى مواد .
تصريحات رئيس الجامعة أصل البنت لبسها ملفت لبسها قصير، ضيق هذه محدودية الأفق و(التفكير داخل الجامعة (الصندوق ) منع التحرش تماماً من المجتمع ككل فتغطية الأجساد والعقول داخل الجامعة لن يمكنك من تغطيتها في الشوارع والنوادى والأماكن العامة، ومن ثم فالمتحرش الجامعى لديه مناخ واسع، ويوم طويل عريض مش حل يا سادة !!! الجامعة للتربية أولاً لابد من عقاب رادع ، حتى يصبح عبرة لابد أن نلغى ونمحى مبدأ ( وإيه اللى وداها هناك )!! ونتوقف عن دفن رؤوسنا في الرمال.
متى ينظر الرجل إلى جسد المرأة ويلغى أن لها عقل بل يتهمها فيه بالنقصان ؟ ( في مجتمع ذكوري خمول تشغله المظاهر..) الأمهات والآباء يربون الولد ليكون مليئًا بالذكورة فقط ، يجب أن تتغير عقلية الأمهات المربيات، يجب أن يؤمنوا بالمساواة وأن المرأة لم تخلق للزينة والنظر إليها على أنها مصدر شهوة.
الثورة يجب أن تكون في التربية أولاً في النشأة يجب أن تقوم على (الكرامة - المساواة -الحرية ) بصرف النظر عن اختلاف الجنس أو الطبقة، أو الدين.
يجب أن يفهم المسئولون أن معالجة مظهر الفتاة وتهريبها فى تاكسي ليس حل!! بناء على مستنقع لينهار المبنى فوق رأس الجميع دعونا نعترف أننا مجتمع لم يكن قبيح بل اعتاد القبح فى كل شيء!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة