وكأن مصر قد عقمت وجف رحمها عن الولادة.. مضى السيد رئيس الوزراء المكلف إبراهيم محلب فى تشكيل حكومته قائلًا إنه لا يملك رفاهية الوقت، وإن تشكيل الحكومة سيستغرق على الأكثر ثلاثة أيام، فظننت أن السيد وزير الإسكان السابق قد أتى إلى رئاسة الحكومة وقد وضع خطته، واختار معاونيه من الوزراء، وعرف أهم التحديات التى تواجهنا، وأقصر الطرق لعبورها، لكن ما هى إلا ساعات قليلة حتى علمنا أن السيد رئيس الوزراء مثله مثل غيره، لا يملك رؤية، ولا يمتلك مشروعًا، ولا يعرف رجال المرحلة، ولا يقدر على تشكيل فريق وزارى قادر على إدارة الدولة فى هذه الأوقات العصيبة التى تمر بها البلاد، والتى يبدو أننا سنسكن فيها إلى أبد الدهر.
مضى السيد إبراهيم محلب ليشكل وزارته، ليرسخ فى كل خطوة يتخذها تلك الشبهات التى تحوم حول الحكومة الوليدة من أنها «حكومة نزع القفازات الثورية»، فقد استبعد الوزير المكلف الأغلبية الغالبة من الأصوات الثورية التى كانت فى الحكومة السابقة، وأبقى على أكثر من 20 وزيرًا فى مقاعدهم، بل ضم إليهم حقائب وزارية أخرى دون أن يخبرنا بسبب الدمج أو مغزاه، وليس أدل على هذا من دمج وزارتى الشباب والرياضة فى وزارة واحدة، وإسنادهما إلى السيد خالد عبدالعزيز الذى لم ينجح حتى الآن فى إضافة أى شىء للشباب، وهو الأمر المتوقع فى الرياضة.
لن أحدثك هنا عما جرى أثناء اختيار وزير الثقافة، تلك الحقيبة الكاشفة التى أبرزت مدى جهل «الحكومة» وضعفها وتخبطها فى آن واحد، فقد قابل محلب حوالى 8 شخصيات ثقافية ليختار وزيرًا من بينهم، وفى النهاية كلف الوزير السابق فى حكومات الببلاوى وقنديل والجنزورى الدكتور صابر عرب بالحقيبة، وكأنه يريد أن «يحرق» كل المرشحين للحقيبة قبل أن «يخترع العجلة» ويأتى بالدكتور صابر عرب، وقد كنت أتخيل أن الحكومة المقبلة ستعرف قيمة الثقافة، وتوقن أن هذه الوزارة هى أخطر الوزارات وأهمها لأنها المسؤولة عن تشكيل الوعى المصرى، ومن ثم كنت أتخيل أن رئيس الحكومة الذى سيخلف الدكتور حازم الببلاوى سيختار شخصية جديدة للمرحلة الجديدة، لكن محلب آثر السلامة، واختار دور الموظف الذى يريد أن يمشى «جوه الحيط»، مبتكرًا فن «التضبيش فى حكومة المفيش».. شكلها أيام سودة.