ماذا يعنى اختباء خلية إرهابية خطيرة بكميات أسلحة ومتفجرات ضخمة داخل ورشة خشب مهملة فى قرية عرب شركس بالقناطر التى لا تبعد عن القاهرة سوى 15 كيلومترا دون أن تعرف الأجهزة المعنية والسلطات المحلية فى القرية؟
عرب شركس ليست القرية المصرية الوحيدة التى تحولت إلى بيئة حاضنة وجاذبة ومحفزة للتطرف والإرهاب، بعيدا عن عيون ورقابة رؤساء المدن والعمد والمجالس المحلية وأجهزة الرقابة والمتابعة، فحالها هو حال قرى الريف المصرى والمدن الصغيرة التى عانت الإهمال والفقر والبطالة ونقص الخدمات طوال أكثر من 30 عاما وأصبحت تلك القرى كالقنابل الموقوتة وأحزمة الفقر حول المدن الرئيسية وتجمعات الأثرياء الجديدة التى انحازت إليهم الإدارة السياسية فى البلاد منذ انفتاح السادات وحتى نهاية عصر مبارك رغم الشعارات البكائية على الفقراء ومحدودى الدخل والتشدق بخطط التنمية والبنية التحتية.
قرى كثيرة فى مصر الآن أصبحت نقطة انطلاق لعمليات إرهابية ضد قوات الأمن مثلما كانت الحال فى نهاية الثمانينيات والتسعينيات بعد أن تخلت الدولة عن تنمية هذه القرى والاهتمام بها.
وحسب آخر الإحصاءات الرسمية فهناك حوالى 4726 قرية يسكنها أكثر من 16 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، منها 2496 قرية تعيش فى فقر مدقع، و506 قرى تعيش تحت خط الفقر يتبعها 26 ألف نجع وكفر وعزبة.
هذا التنوع الاجتماعى والثقافى فى ريف مصر الذى كان يمثل مخزونا حضاريا ومصدرا لطاقات الإبداع بكل أشكاله فى الخمسينيات والستينيات واهتمت به الدولة، تحول إلى طاقة عنف وإرهاب مهولة، وتشوهت ملامحه الإنسانية وسماته الثقافية وتبدلت أموره الحياتية، بعد أن أصبح الفساد فى المحليات «للركب» – كما كان يردد زكريا عزمى دائما - الفساد فى المحليات تواطأ مع جماعات العنف والإرهاب وترك الساحة خالية للأفكار الشاذة تنخر فى عقول أبناء الريف والمدن الصغيرة، والنتيجة الآن حصاد مر نحصد ثماره إرهابا وقتلا وعنفا. خطط التنمية المحلية والريفية فى الخطة العامة للدولة يجب أن تكون واقعا ملموسا لا شعارات خادعة وآمالا كاذبة وأوهام فى الرمال لتسكين آلام وإجهاض أحلام المحرومين والفقراء فى قرى ونجوع مصر، فالتنمية الحقيقية ومواجهة الإرهاب تبدأ من عرب شركس وأخواتها وليس من «كومباوندات» التجمع وأكتوبر والساحل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة