بداية أعتذر عن خطأ غير مقصود، حيث كان من المفترض أن ينشر هذا المقام أمس، لكن للأسف حدث خطأ فى ترتيب المقالات فنشر مقال آخر.
نعود إلى ما بدأته فى مقال أول أمس عما يحدث فى مصر من استغلال مفضوح لأراضى الدولة وإمكانياتها ومرافقها فى مشاريع «الكمباوند» التى صارت المتنفس الوحيد لمن يريد أن يخرج من زحام القاهرة، وقد أوضحت فى المقال السابق أن هذه الكمباوندات تستغل حالة الاختناق السكانى كما أنها تستغل أراضى الدولة التى حصلت عليها «بتراب الفلوس» وبالتقسيط على 20 عاما فى عمل مشاريع إسكانية تصل فيها ثمن الواحد الواحدة إلى أكثر من مليون جنيه، وقد يتساءل البعض، أليس هذه هى آليات اقتصاد السوق؟ أليس هذا ما يفرضه قانون العرض والطلب؟ بينما من الممكن أن يلجأ البعض إلى الأقوال السخيفة التى تقول: وإيه اللى يسكنك فى كمباوند؟
بداية أقول إن اقتصاد السوق لا يفرض على أن الدولة تبيع الأراضى بأسعار متدنية وبالتقسيط على 20 عاما، وعلى الأقل إذا ما أرادت الدولة أن تيسر على المستثمرين بهذه التسهيلات فواجب عليها أن تلزم هؤلاء المستثمرين بأن ييسروا على المواطنين بنفس الآلية، فمن غير المعقول أن يحصل المستثمر على أرض الشعب بأسعار زهيدة وبالتقسيط، ويقوم ببنائها بتمويل بنكى من بنوك الشعب ثم يأتى ويبيعها للشعب مرة أخرى بمئات الأضعاف، وبالتقسيط على خمس سنوات كحد أقصى.
لك أن تتساءل: لماذا لم تقم الدولة باستغلال هذه الأراضى وبنائها بنفس طريقة المستثمرين فعلى الأقل كان هامش الربح سيعود على الدولة وخدماتها، ولك أيضا أن تتساءل لماذا لا تمنح الدولة مثل هذه الأراضى بنفس التسهيلات للنقابات المهنية والهيئات الحكومية المتعددة، ولماذا لا تتيح الدولة للجميع فرصة التمتع بمزايا المستثمرين، وأن تبيع أراضيها للشعب المصرى بنفس الأسعار وبنفس التسهيلات؟ بدلا من أن تعرضنا للبيع لحفنة من السماسرة.
المطلوب أن تقوم الدولة بشيئين: الأول أن تلزم المستثمرين بأن يعاملوا المواطنين بنفس الآلية التى يتعاملون بها مع الدولة، أو أن تمنح المواطنين حق إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة باستخدام أراضى الدولة ومرافقها، وهذا أضعف الإيمان.