أعرف الدكتور أشرف منصور وسعدت بنبأ ترشيحه وزيراً للتعليم العالى، فبجانب الخبرة الواسعة فى تأسيس الجامعة الألمانية، والنهوض بها فى صدارة الجامعات الخاصة المصرية، فهو حاصل على «إتنين» دكتوراة من أكبر الجامعات الألمانية، وله آراء وأبحاث متقدمة فى النهوض بالتعليم الجامعى، وتشجيع البحث العلمى، وفقا لاحتياجات مصر والتطور المذهل الذى يشهده العالم حاليا.
ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، واجتمع المجلس الأعلى للجامعات على عجل، وأصدر تحذيراً فى شكل إنذار لرئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، بأن يتراجع فى اختياره ويختار وزيراً آخر من إحدى الجامعات الحكومية، ورضخ محلب درءاً للفتن، وحتى لا يبدأ ولايته بصراع محفوف بالمخاطر مع آساتذة الجامعات.
إلى هنا لا ضرر ولا ضرار، فمن حق رئيس الوزراء أن يختار، ومن حق المجلس الأعلى أن يعترض، لكن المشكلة فى بيان المجلس الأعلى الذى اتهم الدكتور أشرف بأنه غير ملم بمشاكل الجامعات الحكومية ولا يعرف عنها شيئا، «ورأى المجلس أن ردود فعل أعضاء هيئات التدريس وبعض مجالس الأقسام والكليات التى انعقدت بصورة طارئة، تناولت الترشيح لمنصب وزير التعليم العالى، وما أصاب المجتمع الجامعى من استياء وإحباط حول هذا الموضوع، حيث إن المرشح للمنصب ليس على علم ودراية بمشاكل الجامعات الحكومية فى هذا الوقت الذى تمر به الجامعات المصرية والحاجة الملحة إلى لم الشمل ودعم الاستقرار خلال الفترة المقبلة»، وكان الأحرى بالمجلس وفيه آساتذة أفاضل أن يبتعد عن اللعب بالعبارات المطاطة، التى ظاهرها البكاء على الجامعات الحكومية، وباطنها التوظيف السياسى الذى أوصل تلك الجامعات إلى ما تعانيه من مشاكل وأزمات خانقة.
فالجامعات الحكومية تحولت إلى مفرخة تقذف فى وجه المجتمع كل عام عشرات الآلاف من الخريجين الذين يلفظهم سوق العمل، إما لضعف المستوى العلمى والتأهيلى أو لعدم الحاجة لتخصصاتهم فى الأساس، وهؤلاء هم ضحايا الجامعات الحكومية والمجلس الأعلى للجامعات، الذى لم يجتمع ولو مرة واحدة بصورة طارئة، لوضع استراتيجية واضحة المعالم للنهوض بالتعليم الجامعى، لكنه اجتمع فوراً برئاسة حسام عيسى لمنع ترشيح منصور، والتلويح بفزاعة «لم الشمل» و«دعم الاستقرار»، وكأن الشمل والاستقرار فى أفضل أحوالهما فى هذه الظروف الصعبة، التى تعجز فيها الدولة عن استكمال العام الجامعى بشكل هادئ، ويقف رؤساء الجامعات الحكومية خائفين ومرتعشين ومترددين فى اتخاذ قرارات، تحفظ استقرار الجامعات وتحمى هيبة أساتذتها.
أشرف منصور ينتمى للمدرسة الألمانية المعروف عنها الانضباط والحزم بجانب الابتكار والإبداع، وجامعاتنا الحكومية قبل الخاصة فى أمس الحاجة إلى نسف المنظومة التعليمية القديمة البالية، واستبدالها بمنظومة أخرى، تستطيع أن تغير وجه الحياة فى مصر، وتربط التعليم الجامعى باحتياجات التنمية، وتفتح الأبواب على مصاريعها للبعثات الخارجية واتفاقيات التآخى والتعاون المشترك مع كبريات الجامعات العالمية، وغير ذلك من المشاكل والأمراض المزمنة التى يحفظها المجلس الأعلى للجامعات والسادة الأفاضل رؤساء الجامعات، لكنهم استسلموا لها وتعايشوا معها تحت مظلة «الشمل» و«الاستقرار».